المأمور به عند التساوي بحال الحضور ، دون ما تقدّم عليه من الترجيح بالأُمور المذكورة ، انتهى.
ولكنّه مع ذلك قابل للتأمّل ، فإنّ الترجيح عند شيخنا قدسسره إنّما هو في قبال التخيير ، والتخيير عنده مختصّ بزمان الغيبة ، فيكون الترجيح أيضاً مختصّاً بزمان الغيبة ، وحينئذ يكون ما تضمّنه صدر الرواية من الترجيح راجعاً إلى حكم زمان الغيبة ، وما تضمّنه ذيلها وهو التوقّف عند التساوي راجع إلى زمان الحضور ، ولا يخلو حينئذ من غرابة ، إذ الأنسب أن يقول عليهالسلام عند فرض التساوي : إذن فتخيّر.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ ما تضمّنه صدرها من الترجيح مطلق شامل لزمان الغيبة والحضور ، وذيلها وهو التوقّف يختصّ بزمان الحضور.
كما أنّ دعوى الكفاية (١) من كون الترجيح منحصراً بزمان الحضور يمكن القطع بعدمها ، لأنّ الترجيح لو لم يكن الأنسب اختصاصه بزمان الغيبة فلا أقل من عدم اختصاصه بزمان الحضور الذي لا يناسبه إلاّ الارجاء حتّى الوصول إلى خدمة الإمام عليهالسلام.
وهذا ممّا يؤيّد ما قدّمناه من أنّه لا ترجيح ولا تخيير ، وإنّما هو التوقّف عن الافتاء الذي هو التساقط ، وأنّ ما تعرّضت له المقبولة أوّلاً من الترجيح بالصفات إنّما هو في مقام ترجيح أحد الحكمين ، وما تعرّضت له ثانياً من الترجيح بغيرها فإنّما هو في مقام بيان الضابط والمائز بين الحجّة وغيرها. وما تعرّضت له أخيراً من التوقّف لا يكون إلاّعبارة عن التساقط ، وأنّه ليس بمختصّ بزمان الحضور ، لما تقدّم من أنّ الغاية لا تدلّ على انحصار الحكم في إمكان حصولها.
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٤٤.