قوله : بل مفاد أحدهما وجوب خصوص فريضة الظهر ، ومفاد الآخر وجوب خصوص فريضة الجمعة ، وليس لكلّ منهما دلالة التزامية على عدم وجوب ما عدا المؤدّى ، فلا مانع من سقوط كلّ منهما في إثبات المؤدّى بالمعارضة والرجوع إلى البراءة عن وجوب فريضة ... الخ (١).
لا يخفى أنّهما في حدّ أنفسهما وإن لم يكن لكلّ منهما دلالة التزامية على عدم وجوب ما عدا المؤدّى ، إلاّ أنّهما لهما الدلالة على ذلك بواسطة الإجماع على عدم لزوم فريضتين ، فالرواية الدالّة على وجوب الظهر تكون بواسطة هذا الإجماع دالّة بالالتزام على عدم وجوب غير الظهر ، فلو كان هناك عموم يدلّ على وجوب فريضة ثالثة غيرهما لكانا متّفقين على نفيه بالدلالة الالتزامية.
وأمّا البراءة عن وجوب فريضة ، فإن كان المراد به هو البراءة عن غيرهما فهو موافق لهما ، وإن كان المراد به هو البراءة عن كلّ فريضة حتّى الظهر والجمعة كما هو ظاهر العبارة ، فذلك أمر ثالث اتّفقا على نفيه بالدلالة الالتزامية ، لأنّ وجوب الظهر مثلاً يلزمه ارتفاع حكم البراءة ، كما أنّ وجوب الجمعة يلزمه ذلك.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ البراءة ليست بأمر ثالث ، لأنّ المراد بالأمر الثالث ما يكون حكماً شرعياً على خلاف كلّ من الدليلين المتعارضين ، وفيه ما لا يخفى.
قوله : لمكان قبح التعبّد بالأمارات مع تمكّن المكلّف من استيفاء المصلحة الواقعية ... الخ (٢).
تقدّم التفصيل في أوائل تعارض الأُصول من خاتمة الاستصحاب ، وبيان الحاجة إلى المصلحة السلوكية في مورد انفتاح باب العلم وفي مورد انسداده على
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٥٧.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٥٩.