وضوء علي بن يقطين ، وعلى كلّ حال يكون العمل على الثاني.
وهذا التوجيه إنّما يتمّ مع إحراز التأخّر الزماني ، فلا يتأتّى في زماننا ، لأنّ الغالب هو عدم إحراز ذلك ، ولو فرضنا إحرازه ولو بواسطة كون أحد المتعارضين مروياً عن الإمام المتأخّر عن الإمام الذي روي عنه الآخر ، لم يكن أيضاً ذلك نافعاً في التقديم ، لما عرفت من أنّ الوجه فيه هو لزوم العمل على الثاني حتّى على فرض كونه تقية ، لكون التقية كانت في العمل به لا في مجرّد صدوره ، ومثل ذلك لا يتأتّى في زماننا ، ولأجل ذلك لم يلتزموا بهذا المرجّح.
قوله : ومنها ما يكون مرجّحاً لمضمون أحد المتعارضين ، ككون أحدهما موافقاً للكتاب ... الخ (١).
سيأتي منه قدسسره إن شاء الله تعالى في آخر هذا البحث (٢) التشكيك في كونه مرجّحاً مستقلاً خارجاً عن المرجّحات الصدورية ، بل هو بها أشبه وأولى ، لما دلّت الروايات الكثيرة على أنّ ما خالف الكتاب باطل أو زخرف (٣).
نعم ، يأتي بعد ذلك (٤) إن شاء الله تعالى أنّ تلك الأخبار ناظرة إلى المخالفة على نحو التباين ، دون العموم من وجه ودون العموم والخصوص المطلق ، لكن الظاهر أنّ ما ذكر من المخالفة أو عدم الموافقة في المقبولة (٥) هو عين تلك
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٧٧٩.
(٢) لعلّ المراد بذلك قول الماتن : إلاّ أن يقال إنّ موافقة الكتاب تكون من المرجّحات الصدورية ، فتأمّل. فراجع فوائد الأُصول ٤ : ٧٨٤.
(٣) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٢٣ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ٤٨ ، ١٢ ، ١٤.
(٤) في الأمر الرابع من فوائد الأُصول ٤ : ٧٩٠.
(٥) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١.