قوله في الكفاية : نعم له الافتاء به في المسألة الأُصولية ، فلا بأس حينئذ باختيار المقلّد غير ما اختاره المفتي ، فيعمل بما يفهم منه بصريحه أو بظهوره الذي لا شبهة فيه (١).
لا يخفى أنّ الظهور الذي لا شبهة فيه إن رجع إلى النصّ كان عبارة عن الأوّل ، وإن كان أمراً آخر بمعنى أنّ الظهور في المعنى الفلاني مسلّم ، ففيه أنّه لا يمكن إيكاله إلى العامي ، لأنّ الظهور لا يكون حجّة في [ حقّه ].
نعم ، يمكن أن يقلّده في ظهور كلّ منهما وحجّيته في معناه ، ثمّ يقلّده في التخيير بين الحجّتين. وفيه تأمّل ، لأنّ الحجّية ولو في مقام الظهور مقصورة على المجتهد ، ولا محصّل لأن يقلّده العامي في حجّية هذا الظهور.
قوله : والتخيير للمستفتي في العمل بمضمون أحدهما لو كان التخيير في المسألة الفقهية ، إلاّفي مقام الترافع وفصل الخصومة فإنّه لا معنى لتخيير المتخاصمين في العمل بأحدهما ، بل لابدّ للحاكم من اختيار مضمون أحدهما والحكم على طبقه ، لعدم فصل الخصومة إلاّبذلك (٢).
هذا لو كان في البين حاكم واحد وكان قد ورد في المسألة التي هي محلّ المخاصمة روايتان متعارضتان إحداهما موافقة لأحد الخصمين والأُخرى موافقة للآخر ، ففي هذه الصورة يتخيّر الحاكم ، لكن لا ينحصر بالتخيير في المسألة الأُصولية ، بل يمكن أن يكون من قبيل التخيير في المسألة الفرعية وهي العمل ، فإنّ الحكم على طبق الرواية هو أحد موارد العمل بها ، وحينئذ يكون الحاكم مخيّراً بين الحكم على طبق هذه الرواية والحكم على طبق الرواية الأُخرى ،
__________________
(١) كفاية الأُصول : ٤٤٦.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٧٦٧ ـ ٧٦٨.