ولقائل أن يقول : إنّ أغلب هذه البراهين العقلية أو كلّها راجع إلى الاستدلال والانتقال من أحد المتلازمين إلى الآخر ، وهو منحصر بالانتقال من العلّة إلى المعلول ، والانتقال من المعلول إلى العلّة ، والانتقال من أحد المعلولين إلى الآخر ولابدّ أن يكون المنتقل منه ثابتاً في الشريعة إمّا من الكتاب وإمّا من السنّة ، فيرجع الأمر بالأخرة إلى الاستدلال بأحدهما ، وقد عرفت أنّ كلاً منهما لا يفيد القطع ، فكذلك ما يترتّب عليه. نعم فيما لو كان أحد المتلازمين ضرورياً من ضروريات الدين أو المذهب كان موجباً [ للقطع ].
وأمّا الاستدلال بمحالية اجتماع الضدّين كالوجوب والاستحباب أو بمحالية اجتماع النقيضين كالأمر والنهي بعد فرض التركّب الاتّحادي بين المتعلّقين ، فهو راجع إلى التلازم ، لأنّ وجود أحد الضدّين أو النقيضين يلزمه عدم الآخر.
وهكذا الحال في كون من عليه الخيار ممنوعاً عن التصرّف في متعلّق الخيار ، لأنّ حقّ الخيار في العين مضادّ لحقّ التصرّف من الآخر الذي عليه الخيار.
وهكذا الحال في كون تخلّف الشرط موجباً لخيار من له الشرط ، ببرهان أنّ التزامه مقيّد بوجود الشرط ، فيلزمه انتفاء اللزوم عند انتفاء الشرط ، ومن الواضح أنّ ثبوت كون التزامه مقيّداً إنّما هو بدليل شرعي مثل (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) (١) و « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ونحو ذلك ، فلم يخرج الاستدلال عن كونه استدلالاً بالكتاب والسنّة.
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.
(٢) وسائل الشيعة ٢١ : ٢٧٦ / أبواب المهور ب ٢٠ ح ٤.