وحينئذ فعليه أن يقلّد أيضاً في هذا الحكم العقلي بعد فرض كونه عاجزاً عن حقيقته وتحكيم إحدى قاعدتيه على الأُخرى.
ثمّ إنّك بعد اطّلاعك على هذه التفاصيل التي ذكرناها تعرف أنّه لا حاجة في توجيه إجراء المجتهد الأُصول الشرعية في الشبهات الحكمية إلى ما أفاده شيخنا قدسسره فيما حرّر عنه في أوائل الاستصحاب من قوله : ولا عبرة بيقين المقلِّد وشكّه في ذلك ، بل العبرة بيقين المجتهد وشكّه ، وهو الذي يجري الاستصحاب ويكون بوحدته بمنزلة كلّ المكلّفين الخ (١) ، لما عرفت من أنّه ـ أعني المجتهد ـ يصحّ له الإخبار على طبق مؤدّى الاستصحاب وذلك هو محصّل الفتوى ، من دون حاجة إلى دعوى كونه بمنزلة كلّ المكلّفين.
كما أنّه لا حاجة إلى دعوى كونه نائباً عنهم كما نقله قدسسره عن الشيخ (٢) في التخيير بين الخبرين المتعارضين بعد تكافئهما.
كما لا حاجة إلى دعوى كون المجتهد يخبره بالحدوث وهو يكمل ذلك بالاستصحاب.
كما أنّه لا حاجة إلى ما تكلّفه صاحب الكفاية في مبحث الاجتهاد والتقليد من توجيه رجوع المقلّد إلى المجتهد في موارد الأمارات في الشبهات الحكمية بأنّه وإن كان ذلك المجتهد جاهلاً بالحكم الواقعي إلاّ أنّه عالم بموارد قيام الحجّة الشرعية على الأحكام ، فيكون من رجوع الجاهل إلى العالم الخ (٣).
فإنّك قد عرفت أنّ رجوعه إليه في موارد الأمارات بل والأُصول التنزيلية
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٣١٠.
(٢) لاحظ فرائد الأُصول ٤ : ٤١.
(٣) كفاية الأُصول : ٤٦٥.