إنّما هو رجوع إليه باعتبار إخباره عن الحكم الواقعي الذي أحرزه بذلك ، فإنّه يكون عالماً بالحكم الواقعي تنزيلاً بواسطة قيام الحجّة الشرعية عليه عنده ، لا من باب أنّه عالم بموارد الطرق ، إذ همّ العامي إنّما هو السؤال عن الحكم الواقعي لا السؤال عمّا قامت عليه الطرق.
كما أنّ ما نقّحه المرحوم الأصفهاني في حاشيته (١) على هذا المقام من الكفاية من الاكتفاء بكونه عارفاً بالحكم أو عالماً به بقيام الحجّة عنده على الحكم لكونها محقّقة لتنجيز الواقع وموجبة لسدّ العذر في مخالفته ، غير نافع.
أمّا أوّلاً : فلأنّ مجرّد قيام الحجّة الموجبة لعدم المعذورية وللتنجّز لا توجب كونه عالماً بالحكم.
وثانياً : أنّ مجرّد كون الشخص عالماً لا ينفع في حقّ المقلّد ، لأنّ كون الشخص عالماً غير نافع في حقّ شخص آخر إلاّبنحو العناية ، كما صرّح به في حاشيته الثانية (٢).
فالعمدة هو ما عرفت من أنّ قيام الحجّة أو تحقّق العلم التعبّدي في حقّ المجتهد يجوّز له الإخبار بما قامت عليه الحجّة عنده ، وهذا الإخبار هو الحجّة على المقلّد ، لا لأجل مجرّد كونه خبراً كي يرد عليه أنّ حجّية الإخبار منحصرة في الحسّيات ، بل لأجل قيام الدليل بالخصوص على حجّية إخباره ، لأنّه من أهل الخبرة ، أو لأجل خصوص إخبار المجتهد لمن يقلّده.
والعمدة هو أنّ المجتهد بعد أن قامت عنده الأمارة أو الأصل الاحرازي على الحكم يجوز له أن يخبر به ليكون إخباره به حجّة على العامي ، وإلاّ فلو قلنا
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٣٦٦.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٣٦٧.