ــــــــــــــــــ
ولا يخفى أنّ التخيير وإن أيّده جماعتنا وشيّدوه ، إلاّ أنّك لا تجد فقيهاً يقول في بعض موارد التعارض أنا أختار هذا الخبر دون مقابله ، بل هم لا يزالون يتعبون أنفسهم في تحقيق جهة من جهات التقديم ، بل تراهم يقولون بالتساقط في مثل تعارض العموم من وجه ، ومن ذلك ينفتح لك باب القول بأنّه لا أهميّة لإثبات كون المرجع هو التخيير ، فالعمدة هو النظر في المرجّحات ، وإذا انسدّ باب الترجيح لفرض التساوي ـ وما أقلّ ذلك ـ يكون المرجع هو التساقط ، وأمّا الاحتياط أو التوقّف في الفتوى فلو صدر من أحد فذلك من باب التورّع لا من جهة أنّ القاعدة تقتضيه ، فلاحظ وراجع وتدبّر. ٢٥ ربيع الثاني سنة ١٣٨١.
أمّا التفصيل بين زمان الحضور وزمان الغيبة ، فيمكن أن يتطرّق إليه المنع ، إذ ليس في الأخبار ما يدلّ على هذا التقييد. نعم يشتمل بعضها على الأمر بالارجاء حتّى تلقى إمامك ، ونحوه [ وسائل الشيعة ٢٧ : ١٠٦ / أبواب صفات القاضي ب ٩ ح ١ ، ٤٢ ] ممّا يشعر بإمكان اللقاء ، فينحصر بزمان الحضور ، لكن أنّى لنا باستفادة ذلك ، ولعلّ الغرض هو مجرّد التوقّف على بيان الإمام عليهالسلام بعد الرجوع إليه ، وذلك لا يقتضي الانحصار بامكان الرجوع ، بل أقصى ما فيه هو الحكم بالتوقّف أو الحكم بالتخيير حتّى يلقاه ، ولا دخل لذلك بكون اللقاء قريب الأمد أو بعيد المدى كما في زمان الغيبة ، فيمكن للإنسان أن ينكر هذا التقييد ، بل هو كسائر ما علّق على مراجعته وعلى أخذ البيان منه ، وكلّه داخل فيما أفاده المحقّق الطوسي : إنّ وجوده عليهالسلام لطف وإنّ تصرّفه لطف آخر وإن منعه منّا [ كشف المراد : ٣٦٢. لا يخفى أنّ الموجود في بعض النسخ : وعدمه منّا ، وفي بعضها الآخر : وغيبته منّا ].
والخلاصة : هي سقوط القول بالتخيير ، لما عرفت من حكومة رواية الميثمي على أخبار التخيير ، مضافاً إلى ما عرفت من أنّك لا تجد فقيهاً منّا يقول أنا أختار هذا الخبر وأُفتي به وأطرح مقابله.