ــــــــــــــــــ
وحينئذ فلم يبق باليد إلاّ أخبار التوقّف والاحتياط والارجاء إلى لقاء الإمام عليهالسلام والمنع عن القول بشيء في المسألة ، إلى غير ذلك من العبائر الواردة في أخبار الباب ، وهذه الأخبار وهذه المفادات كلّها من أدلّة الاحتياط في الشبهات الحكمية التي لا مجال لها فيما نحن فيه إلاّبعد إسقاط الخبرين المتعارضين ، وبعد سقوطهما تدخل المسألة فيما لا نصّ فيه ، فلا تكون هذه إلاّعبارة أُخرى عن تلك الأخبار التي يستدلّ بها المحدّثون على عدم جواز الرجوع إلى البراءة ، وأنّ المرجع في الشبهات الحكمية هو التوقّف والاحتياط كما ربما يظهر لك ذلك بمراجعة رسائل الشيخ [ فرائد الأُصول ٢ : ٦٤ وما بعدها ] في الأخبار التي استدلّ بها الأخباريون لمسلكهم ، فإنّ من جملة تلك الأخبار هي الأخبار الواردة في باب التعارض.
وعلى كلّ حال ، لا يكون لخصوص التعارض خصوصية توجب الاحتياط ، بل هي بعد التساقط يكون حالها حال ما لا نصّ فيه ، وحينئذ فلا يكون مفاد تلك الأخبار إلاّعبارة عن التساقط والرجوع إلى ما يقتضيه الأصل فيما لم يقم فيه دليل على التكليف ، فليس في البين أمر آخر غير التساقط عند التعارض ، وما أفادته تلك الأخبار من التوقّف والاحتياط والارجاء كلّ ذلك مبني على التساقط ، غايته أنّها تكون من أدلّة الأخباريين على منع الرجوع إلى البراءة عند عدم ثبوت الحكم الالزامي بالدليل الشرعي ، فلاحظ وتأمّل.
فلم يبق بأيدينا من هذه الأخبار إلاّ أخبار الترجيح بتلك المرجّحات المنصوصة ، فإذا وفّقنا الله سبحانه وتعالى لإثبات أنّ الترجيح على القاعدة ، وأنّ العمل به لازم حتّى لو لم يرد النصّ به ، كان لنا أن نسجّل على هذه الأخبار بأنّها لم تأت بشيء تعبّدي ، بل إنّ كلّ ما تضمّنته وارد على القاعدة ، وأنّ القول به لازم حتّى ما تضمّنته من الارجاء والاحتياط فإنّه على طبق القاعدة ، غايته أنّه يوافق مسلك الأخباريين ، ونحن لمّا كان مسلكنا هو البراءة أسقطنا الاحتياط المذكور وحكّمنا البراءة في مورد التعارض