من نعمك ، ولم يمنعني ذلك من فعلك أن ازددت في معاصيك تمادياً ، ولم يمنعك تماديَّ في معاصيك عن إدامة سترك ، ومدافعتك عنّي البلاء ، وإحسانك وإجمالك وإنعامك وإفضالك مرَّة من بعد مرَّة ، ومراراً لا تحصى كثيرةً ، وفي كلِّ طرفة ولحظة ونومة ويقظة أنا متقلّب في معاصيك ، وسترك دائم عليّ ، ونعمك شاملة لي سابغة لديَّ في جميع حالاتي .
فأنت يا سيّدي العوّاد بالنّعم ، وأنا العوّاد بالمعاصي ، وأنت يا سيّدي خير الموالي ، وأنا شرُّ العبيد ، أدعوك فتجيبني ، وأسئلك فتعطيني ، وأستزيدك فتزيدني ، وأسكت عنك فتبتدئني ، فلست أجد شافعاً أوكد ولا أعظم ولا أكرم ولا أجود منك .
آملك
اللّهمَّ بطلبتي ، وأتوجّه إليك سيّدي بمسئلتي ، واُحضرك يا مولاي رغبتي ، وأبثّك إلهي ما أنت أعلم به من شأني ، وبك ربِّ استغاثتي ، وإليك لهفي واستكانتي ، وأنت ثقتي ورجائي ، وبدعائك تحرُّمي ، وبجرمتك توسُّلي ، وبمحمّد وآله تقرُّبي ، من غير ما استيجاب منّي ، ولا استحقاق لاجابتك ببسط يد إلى طاعتك أو قبض قدم من معصيتك ، أو اتّعاظ بزجرك ، أو إحجام عن نهيك إلّا لجأي إلى توحيدك وتوجّهي إليك بمحمّد وأهل بيته وتمسّكي بهم ، ومعرفتك بمعرفتي ألّا ربَّ لي سواك ولا غوث إلّا عندك ، وركوني إلى أمرك في كتابك ، ورجائي لما سبق
فيه من لطيف عدتك وكريم عفوك ، إذ تقول يا سيّدي لمسرفي عبادك « يَا
عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ
اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ، وتقول إفهاماً وعدة وتكريراً « وَمَن يَغْفِرُ
الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ » و تعرِّفهم جودك ، وسعة فضلك حين تقول « وَاسْأَلُوا اللَّهَ
مِن فَضْلِهِ
» وتخبرهم بكرمك وفيض عطائك بقولك « وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا » وتأمرهم بدعائك ، وتعدهم
إجابتك فتقول ؛ « ادْعُونِي
أَسْتَجِبْ لَكُمْ
» وتخبرهم بقربك من دعاء داعيك وإجابتك إيّاه فقلت « وَإِذَا
سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا
دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ » ودللتهُم على حسن
مناجاتك ،