من كلِّ أمرٍ سواه .
ثمَّ مننت عليَّ بالذكر الحكيم كتابك ، فاستودعته صدري ، وأنطقت به لساني وجعلته قرَّة عين لي ، ثمَّ دللتني على معرفة ربوبيّتك ، وعظمتك ، واقتدارك في ملكك وسلطانك ، وكرمك في فعالك ، ومنحتني من ذلك كثيراً ، فأسئلك اللّهمَّ يا مانح النعم قبل أن نستحقَّ ، ويا مبتدئاً بالرَّحمة قبل أن نسئل ، لمّا جعلت ما أكرمتني به من ذلك ، ومننت عليَّ مستتمّاً منك موصولاً وحتماً على نفسك واجباً وأن لا يشوب إخلاصي وصدق نيّتي وصحّة الضّمير منّي شكٌّ ولا وهنٌ ، ولا تقصير ولا تفريط ، حتّى تميتني على الاخلاص به ، وتبعثني على استيجاب رضاك ، ولما جعلته نوراً وحجّة وحجاباً ، ولما لم تجعله وبالاً عليّ بتقصير كان منّي وضعفاً من شكري ، فأكون ومن عصاك وخالف أمرك وجحدك بمنزلة سواء في غضبك .
اللّهمَّ وأنا يا سيّدي ومولاي المذنب عبدك ، المسيء المعترف بخطاياي ، المقرُّ بذنوبي ، أقبلت إليك تائبا من جميع ما ارتكبت ، وأنخت بفنائك نادما على ما أذنبت ، وأتيتك مقرّاً بجميع ما أجنتْ جوارحي ، مستغفراً لك منها ، مستعصماً بك من العود في مثلها ، راجياً لرحمتك ، ساكناً إلى حسن عبادتك ، معوِّلاً على جودك وكرمك ، واثقاً لحسن الظنِّ بك ، وبرحمتك الّتي وسعت كلَّ شيء ، لاجياً مستغيثاً ، مستعيناً بك على طاعتك ، منقطعاً رجاي إلّا منك ، بريئاً إليك من الحول والقوَّة والقدرة ، مقرّاً بأنَّ ما بي من نعمة فمنك ، خاضعاً لك ذليلاً بين يديك .
لا
أعرف من نفسي إلّا كلَّ الّذي يسوؤني ولا أعرف منك إلّا كلَّ الذي يسرّني ، لأنّك أحسنت إليَّ وأجملت ، وأنعمت فأسبغت ، ورزقت فوفَّرت ، و أعطيت فأجزلت ، بلا استحقاق لذلك بعمل منّي ، ولا لشيء ممّا أنعمت به عليّ بل تفضّلاً منك وكرماً ، فأنفقت نعمك في معاصيك ، وتقوَّيت برزقك على سخطك وأفنيت عمري فيما لا تحبُّ ، فلم يمنعك ذلك منّي أن سترت عليَّ قبايح عملى ، و أظهرت منّي الحسن الجميل الّذي أنت أهله لا ما أنا أهله ، وسوَّغتني ما في يديَّ