وَتَقْدِيرِهِ وَمَشِيَّتِهِ وَعِلْمِهِ تَعَالَى ، وَأَمَّا الْفَضَائِلُ فَلَيْسَ بِأَمْرِ اللهِ وَلَكِنْ بِرِضَى اللهِ وَبِقَضَاءِ اللهِ وَبِمَشِيَّةِ اللهِ وَبِعِلْمِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَمَّا الْمَعَاصِي فَلَيْسَتْ بِأَمْرِ اللهِ وَلَكِنْ بِقَضَاءِ اللهِ وَمَشِيَّتِهِ وَبِعِلْمِهِ ثُمَّ يُعَاقَبُ عَلَيْهَا ». قال الشيخ الصدوق : قَوْلُهُ « الْمَعَاصِي بِقَضَاءِ اللهِ ». معناه نهي الله لأن حكمه على عباده الانتهاء عنها ، ومعنى قَوْلِهِ « بِقَدَرِ اللهِ ». أي بعلم الله بمبلغها وتقديرها مقدارها ومعنى قَوْلِهِ « وبِمَشِيَّتِهِ ». فإنه تعالى شاء أن لا يمنع العاصي من المعاصي إلا بالزجر والقول والنهي والتحذير دون الجبر والمنع بالقوة والدفع بالقدرة.
وَفِي حَدِيثِ جَمِيلِ بْنِ دَرَّاجٍ (١) قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ (ع) عَنِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ؟ قَالَ : « هُمَا خَلْقَانِ مِنْ خَلْقِ اللهِ تَعَالَى وَاللهُ ( يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ ) ». كأنه جواب إقناعي ، وربما أشعر بأن السؤال عن معرفة كنهه وحقيقته غير لائق لبعد معرفة ذلك عن عقول المكلفين.
وَفِي حَدِيثِ حُمْرَانَ (٢) قَالَ : قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ (ع) : أَرَأَيْتَ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ قِيَامِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليه السلام وَخُرُوجِهِمْ وَقِيَامِهِمْ بِدِينِ اللهِ عَزَّ ذِكْرُهُ وَمَا أُصِيبُوا مِنْ قَتْلِ الطَّوَاغِيتِ إِيَّاهُمْ وَالظَّفَرِ بِهِمْ حَتَّى قُتِلُوا وَغُلِبُوا؟ فَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع) : « يَا حُمْرَانُ إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ قَدْ كَانَ قَدَّرَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ وَقَضَاهُ وَأَمْضَاهُ وَحَتَمَهُ عَلَى سَبِيلِ الِاخْتِيَارِ ثُمَّ أَجْرَاهُ ، فَبِتَقَدُّمِ عِلْمٍ إِلَيْهِمْ مِنْ رَسُولِ اللهِ (ص) قَامَ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ
__________________
(١) هو أبو عليّ جميل بن درّاج بن عبد الله النّخعيّ الثّقة ، روى عن أبي عبد الله وأبي الحسن (ع) ، عمّي في آخر عمره ومات في أيّام الرّضا (ع). رجال النّجاشيّ ص ٩٨.
(٢) هو أبو الحسن وقيل أبو حمزة حمران بن أعين الشّيبانيّ التابعي أخو زرارة ، كان يختصّ ببعض الأئمّة ويتولّى له الأمر ، قال له أبو جعفر (ع) : أنت من شيعتنا في الدّنيا والآخرة. تنقيح المقال ج ٢ ص ٣٧٠.