[ ٢ / ٢٩ ] يعني قصد ، وكل من فرغ من شيء وعمد إلى غيره فقد استوى إليه. وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : صَعِدَ أَمْرُهُ. وفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ (ع) : ( ثُمَ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ ) أَيْ أَخَذَ فِي خَلْقِهَا وَإِتْقَانِهَا ( فَسَوَّاهُنَ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ )(١).
قوله تعالى : ( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) [ ٢٠ / ٥ ] أي استوى من كل شيء ، فليس شيء أقرب إليه من شيء ـ كذا في الحديث (٢) أو استولى كما يقال :
« اسْتَوَى بشر على العراق »
أي استولى من غير سيف ودم يهريقه.
قوله تعالى : ( قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) [ ٥ / ١٠٠ ] أي ( قُلْ ) يا محمد ( لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ ) أي الحلال والحرام ( وَلَوْ أَعْجَبَكَ ) أيها السامع وأيها الإنسان ( كَثْرَةُ الْخَبِيثِ ) أي كثرة ما تراه من الحرام لأنه لا يكون في الكثير من الحرام بركة ويكون في القليل من الحلال بركة.
قوله تعالى : ( ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى ) [ ٥٣ / ٦ ] يَعْنِي جَبْرَئِيلَ اسْتَقَامَ عَلَى صُورَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ دُونَ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَ يَتَمَثَّلُ بِهَا كُلَّمَا هَبَطَ بِالْوَحْيِ ، وَكَانَ يَأْتِيهِ بِصُورَةِ الْآدَمِيِّينَ فَأَحَبَّ رَسُولُ اللهِ (ص) أَنْ يَرَاهُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا فَاسْتَوَى لَهُ (٣).
قوله تعالى : ( فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها ) [ ٩١ / ١٤ ] أي أرجف الأرض بهم ، يعني حركها فسواها عليهم. قيل : فسوى الأمة بإنزال العذاب صغيرها وكبيرها.
قوله تعالى : ( لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ ) [ ٤ / ٤٢ ] أي لو يدفنوا فَتُسَوَّى بهم الأرض كما تُسَوَّى بالموتى. وقيل : يودون أنهم لم يبعثوا وأنهم كانوا والأرض
__________________
(١) البرهان ج ١ ص ٧٢.
(٢) تفسير علي بن إبراهيم ص ٤١٨.
(٣) انظر تفاصيل رؤية النبي (ص) لجبرئيل في ص ١٦٣ من هذا الكتاب.