العالم كله حقيقي لا يتغير ، وأما الرُّؤْيَا التي هي تحزين من الشيطان فهي ما تشاهده النفس عند استيلاء القوة الشهوية أو الغضبية ، فإن ذلك مما يحصل به الأمور الشريرة باعتبار الشخص في الأمور الواقعة في العالم الجسماني باعتبار حصوله عن هذه النفس الشيطانية ، وكذا ما يَرَاهُ الإنسان من الأمور المرتسمة في نفسه من القوة المتخيلة والمتوهمة ، لأنها صور لا حقائق لها ، وهاتان المرتبتان تقعان مع التعبير بحسب ما يعبران ـ انتهى. وسيأتي في « حلم » مزيد كلام في الأحلام.
وفِي الْحَدِيثِ : « يُعْطِي الزَّكَاةَ عَلَى مَا يَرَى ». أي على ما يعرف من أهل الاستحقاق وغيرهم.
وقد تكرر فيه : « فما تَرَى » ومعناه قريب من معنى « ما تقول » والمراد الاستخبار.
و « فلان يَرَى رَأْيَ الخوارج » يذهب مذهبهم.
وفِي الْحَدِيثِ : « لَمْ يَقُلْ (ع) بِرَأْيٍ وَلَا قِيَاسٍ ». قيل في معناه : الرَّأْيُ التفكر في مبادئ الأمور والنظر في عواقبها وعلم ما يئول إليه من الخطإ والصواب ، أي لم يقل (ع) بمقتضى العقل ولا بالقياس. وقيل : الرَّأْيُ أعم لتناوله مثل الاستحسان.
وجمع الرأي « أَرَآءٌ » ، و « رُئِيٌ ».
« آرَاءُ » أيضا مقلوب.
و « ارْتَأَى » أي طلب الرأي والتدبير.
و « أصحاب الرَّأْيِ » عند الفقهاء هم أصحاب القياس والتأويل كأصحاب أبي حنيفة (١) وأبي الحسن
__________________
(١) أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطي بن ماه ، أحد أئمة المذاهب الأربعة عند السنة ، كان يقول بالرأي والاستحسان ، وكان ضعيف الحديث لم يخرج له أصحاب الصحاح شيئا عنه ، ونقل في زهده وتقواه أشياء كثيرة ربما لا نتمكن من قبول كل ذلك ، ولد سنة ٨٠ وتوفي سنة ١٥٠ ه ، ودفن ببغداد في مقبرة خيزران