الله في قلبه من الصور العلمية في حال اليقظة ، ومن الثاني ما يخلق الله في قلبه حال النوم ، وكأن المراد من « في آخر الزمان » زمان ظهور الصاحب (ع) ، فإنه وقع التصريح في بعض الأخبار بأن في زمان ظهوره يجمع الله قلوب المؤمنين على الصواب. وقيل : ولفظة « على » نهجية ، أي على هذا النهج ، يعني يكون مثل الوحي موافقين للواقع.
وفِيهِ : « الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ وَالْكَاذِبَةُ مَخْرَجُهُمَا مِنْ مَوْضِعٍ وَاحِدٍ » يَعْنِي الْقَلْبَ ، فَالرُّؤْيَا الْكَاذِبَةُ الْمُخْتَلِقَةُ هِيَ الَّتِي يَرَاهَا الرَّجُلُ فِي أَوَّلِ لَيْلِهِ فِي سُلْطَانِ الْمَرَدَةِ الْفَسَقَةِ ، وَإِنَّمَا هِيَ شَيْءٌ يُخَيَّلَ إِلَيْهِ وَهِيَ كَاذِبَةٌ لَا خَيْرَ فِيهَا ، وَأَمَّا الصَّادِقَةُ فَيَرَاهَا بَعْدَ الثُّلُثَيْنِ مِنَ اللَّيْلِ مَعَ حُلُولِ الْمَلَائِكَةِ وَذَلِكَ قَبْلَ السَّحَرِ ، وَهِيَ صَادِقَةٌ لَا تَخْتَلِفُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ جُنُباً أَوْ يَنَامَ عَلَى غَيْرِ طُهْرٍ وَلَمْ يَذْكُرِ اللهَ تَعَالَى ، فَإِنَّهَا تَخْتَلِفُ وَتُبْطِئُ عَلَى صَاحِبِهَا (١).
وفِي الْخَبَرِ عَنْهُ (ص) أَنَّهُ قَالَ : « الرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ : رُؤْيَا بُشْرَى مِنَ اللهِ ، وَرُؤْيَا تَحْزِينٍ مِنَ الشَّيْطَانِ ، وَالَّذِي يُحَدِّثُ بِهِ الْإِنْسَانُ نَفْسَهُ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِه ِ » (٢).
وفِي خَبَرٍ آخَرَ عَنْهُ (ع) أَنَّهُ قَالَ : « الرُّؤْيَا عَلَى رَجُلٍ طَائِرٍ مَا لَمْ تُعَبَّرْ ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ ». قال بعض الشارحين : وجه الجمع بين هذين الخبرين أنه عبر عن مطلق الرُّؤْيَا بكونها كالطائر الذي لا قرار له ولا ثبات له حتى يحصل تعبيرها فإذا حصل طارت كالطائر الذي أصيب بالضربة أو الرمية فوقع بعد طيرانه ، وأما الرُّؤْيَا الحقيقية التي يعبر عنها بأنها بشرى من الله فهي ما تشاهده النفس المطمئنة من الروحانيات والعالم العلوي ، وتلك الرُّؤْيَا واقعة عبرت أم لم تعبر ، لأن ما في ذلك
__________________
(١) هذا الحديث وشرحه المذكور في الكتاب من رواية عن أبي بصير عن الصادق (ع) مذكور في الكافي ج ٨ ص ٩١.
(٢) البحار ج ١٤ ص ٤٤١.