لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ) [ ٣ / ٣٠ ] : دلالة على تجسم الأعمال في النشأة الأخرى ، وقد ورد في بعض الأخبار تجسم الاعتقادات أيضا ، فالأعمال الصالحة والاعتقادات الصحيحة تظهر صورا نورانية مستحسنة توجب لصاحبها كمال السرور والابتهاج ، والأعمال السيئة والاعتقادات الباطلة تظهر صورا ظلمانية مستقبحة توجب غاية الحزن والتألم ، كما قال جماعة من المفسرين عند هذه الآيات ـ انتهى.
ويؤيده ما رُوِيَ مِنْ أَنَّهُ : « إِذَا بَعَثَ اللهُ الْمُؤْمِنَ مِنْ قَبْرِهِ خَرَجَ مَعَهُ مِثَالٌ يَقْدُمُهُ أَمَامَهُ ـ يَعْنِي صُورَةً لِأَنَّ الْمِثَالَ الصُّورَةُ ـ كُلَّمَا رَأَى الْمُؤْمِنُ هَوْلاً مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ لَهُ الْمِثَالُ : لَا تَفْزَعْ وَلَا تَحْزَنْ وَأَبْشِرْ بِالسُّرُورِ وَالْكَرَامَةِ مِنَ اللهِ تَعَالَى ، حَتَّى يَقِفَ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى فَيُحَاسِبُهُ حِسَاباً يَسِيراً وَيَأْمُرُ بِهِ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمِثَالُ أَمَامَهُ ـ إِلَى قَوْلِهِ (ع) ـ فَيَقُولُ : مَنْ أَنْتَ؟ فَيَقُولُ : أَنَا السُّرُورُ الَّذِي كُنْتَ أَدْخَلْتَهُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا » (١).
قوله تعالى : ( لَتَرَوُنَ الْجَحِيمَ ) [ ١٠٢ / ٦ ] قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ (ره) : قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَتُرَوُنَ بِضَمِّ التَّاءُ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ (ع) ، والباقون لَتَرَوُنَ بفتح التاء.
وقد تكرر في الكتاب والسنة ( أَرَأَيْتَكَ ) و ( أَرَأَيْتَكُمْ ) » وهي كلمة تقال عند الاستخبار والتعجب ، يعني أخبروني وأخبروني ، وتاؤها مفتوحة أبدا ، و « كم » فيها لا محل له من الإعراب ، لأنك تقول : « أرَأَيْتَكَ زيدا ما شأنه ، فلو جعلت للكاف محلا لكنت كأنك تقول : « أرَأَيْتَ نفسك زيدا ما شأنه » وذلك فاسد ، ولو جعلت الكاف مفعولا ـ كما قاله الكوفيون ـ للزم أن يصح الاقتصار على المنسوب في المثال المذكور ، لأنه المفعول الثاني على ذلك التقدير ، ولكن الفائدة لا تتم عنده ،
__________________
(١) الوافي ج ٣ ص ١١٧.