اسْتَقَرَّ مَكانَهُ )(١).
قوله تعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) [ ٩٩ / ٧ ـ ٨ ] قال الشيخ أبو علي (ره) : في بعض الروايات عن الكسائي خَيْراً يُرَهُ بضم الياء فيهما ، وهو رواية أبان عن عاصم ، وقراءة علي (ع) والباقون بفتح الياء في الموضعين (٢) والمعنى : من يعمل وزن ذرة من الخير يَرَ ثوابه وجزاءه ، ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) أي يرى ما يستحق من العقاب. قال : ويمكن أن يستدل بهذا على بطلان الإحباط ـ إلى أن قال ـ وقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ : مَعْنَاهُ : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً ) وَهُوَ كَافِرٌ يَرَ ثَوَابَهُ فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوُلْدِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ خَيْرٌ ، ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) وَهُوَ مُؤْمِنٌ يَرَى عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا فِي نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوُلْدِهِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنَ الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللهِ شَرٌّ. ثم قال : وقَالَ مُقَاتِلٌ : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ) يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي كِتَابِهِ فَيَفْرَحُ بِهِ ، وَكَذَلِكَ مَنْ يَعْمَلُ الشَّرَّ يَرَاهُ فِي كِتَابِهِ فَيَسُوءُهُ ذَلِكَ. قَالَ : وَكَانَ أَحَدُهُمْ يَسْتَقِلُّ أَنْ يُعْطِيَ الْيَسِيرَ ، وَيَقُولُ : إِنَّمَا نُؤْجَرُ عَلَى مَا نُعْطِي وَنَحْنُ نُحِبُّهُ وَلَيْسَ الْيَسِيرُ مِمَّا نُحِبُّ ، وَيَتَهَاوَنُ بِالذَّنْبِ الْيَسِيرِ وَيَقُولُ : إِنَّمَا وَعَدَ اللهُ النَّارَ عَلَى الْكَبَائِرِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ هَذِهِ الْآيَةَ يُرَغِّبُهُمْ فِي الْقَلِيلِ مِنَ الْخَيْرِ وَيُحَذِّرُهُمْ مِنَ الْيَسِيرَ مِنَ الشَّرِّ. انتهى.
قال بعض المحققين في هذه الآية وفي قوله تعالى : ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ ) [ ٩٩ / ٦ ] وفي قوله تعالى : ( يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ٣٣.
(٢) المراد من « فيهما » و « الموضعين » هو قوله تعالى : ( خيرا يره ) و ( شرّا يره ).