أبو علي (ره) : استعملوا « أرَأَيْتَ » في معنى أخبر ، والفاء جاءت للتعقيب ، فكأنه قال : أخبر أيضا بقصة هذا الكافر عقيب حديث أولئك. وهو ابن وائل ، كان لخباب بن الأرت عليه دين فتقضاه ، قال : لا والله حتى تكفر بمحمد ، فقال : لا والله لا أكفر بمحمد حيا ولا ميتا ولا حين أبعث ، فقال : فإني مبعوث فإذا بعثت سيكون لي مال وولد سأعطيك (١).
قوله تعالى : ( أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ ) [ ١٧ / ٦٢ ] أي أخبرني عن حاله.
قوله تعالى : ( وَأَرِنا مَناسِكَنا ) [ ٢ / ١٢٨ ] أي عرفنا.
وتكون « الرُّؤْيَا » بمعنى العلم ، كقوله تعالى : لَأَرَيْناكَهُمْ [ ٤٧ / ٣٠ ] ، وقوله تعالى : ( فَهُوَ يَرى ) [ ٥٣ / ٣٥ ].
قوله تعالى : ( وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) [ ١٧ / ٦٠ ] قيل : هي الرُّؤْيَةُ المذكورة من الإسراء إلى بيت المقدس والمعراج ، والفتنة : الامتحان وشدة التكليف ، ليعرض المصدق بذلك الجزيل الثواب والمكذب الأليم العقاب. وقيل : الرُّؤْيَا هي التي رَآهَا بالمدينة حين صده المشركون ، وإنما كانت فتنة لما دخل على المسلمين من الشبهة والشك لما تراخى الدخول إلى مكة حتى العام القابل. قيل : هي رُؤْيَا في منامه أن قرودا تصعد منبره وتنزل.
قوله تعالى : ( لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ ) [ ٤٨ / ٢٧ ] قَالَ الْمُفَسِّرُ : رَأَى ـ أَيْ رَسُولُ اللهِ ـ فِي الْمَنَامِ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَدْخُلُونَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، وَأَخْبَرَ بِذَلِكَ أَصْحَابَهُ فَفَرِحُوا ، فَلَمَّا انْصَرَفُوا مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَلَمْ يَدْخُلُوا مَكَّةَ قَالَ الْمُنَافِقُونَ : مَا حَلَقْنَا وَلَا قَصَّرْنَا وَلَا دَخَلْنَا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ، فَنَزَلَتْ أَخْبَرَهُمُ اللهُ أَنَّ مَنَامَكَ
__________________
(١) انظر تفصيل القصّة في البرهان ج ٣ ص ٢١.