حَقٌّ وَصِدْقٌ ، وَأَكَّدَ الدُّخُولَ بِالْقَسَمِ.
قوله تعالى : ( وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ) [ ٨١ / ٢٣ ] يعني رَأَى محمد (ص) جبرئيل في صورته الحقيقية التي جبل عليها في الأفق المبين ، أي في أفق الشمس وقد ملأ الأفق. قيل : ما رَآهُ أحد من الأنبياء في صورته الحقيقية غير محمد (ص) ، رَآهُ مرتين : مرة في الأرض ، ومرة في السماء.
قوله تعالى : ( ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى ) [ ٥٣ / ١١ ] أي ما كذب فؤاد محمد (ص) ما رَآهُ ببصره من صورة جبرئيل (ع) ، أي ما قال فؤاده لما رَآهُ : لم أعرفك ، ولو كان كذلك لكان كاذبا لأنه عرفه.
قوله تعالى : ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ) [ ٥٣ / ١٣ ـ ١٤ ] أي ولقد رَأَى (ص) جبرئيل نزلة أخرى ، أي مرة أخرى ( عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى )(١).
وَفِي حَدِيثِ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي نَصْرٍ (٢) عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُوسَى الرِّضَا (ع) قَالَ : قَالَ لِي : « يَا أَحْمَدُ مَا الْخِلَافُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ أَصْحَابِ هِشَامِ بْنِ الْحَكَمِ فِي التَّوْحِيدِ »؟ فَقُلْتُ : جُعِلْتُ فِدَاكَ قُلْنَا نَحْنُ بِالصُّورَةِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) رَأَى رَبَّهُ فِي صُورَةِ شَابٍّ ، وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْحَكَمِ بِالنَّفْيِ لِلْجِسْمِ ، فَقَالَ : « يَا أَحْمَدُ إِنَّ رَسُولَ اللهِ (ص) لَمَّا أُسْرِيَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ وَبَلَغَ ( عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى ) خُرِقَ لَهُ فِي الْحُجُبِ مِثْلُ سُمِّ الْإِبْرَةِ فَرَأَى مِنْ نُورِ الْعَظَمَةِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَرَى وَأَرَدْتُمْ أَنْتُمُ التَّشْبِيهَ ، دَعْ هَذَا يَا أَحْمَدُ لَا يَنْفَتِحُ عَلَيْكَ مِنْهُ أَمْرٌ عَظِيمٌ » (٣).
قوله تعالى : ( قالَ رَبِ أَرِنِي أَنْظُرْ
__________________
(١) انظر تفصيل رؤية النبي (ص) لجبرئيل في البرهان ج ٤ ص ٢٥١.
(٢) هو أبو جعفر أو أبو علي أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي الكوفي ، لقي الرضا وأبا جعفر (ع) وكان عظيم المنزلة عندهما ، توفي سنة ٢٢١ ه. معالم العلماء ص ٩ ، تنقيح المقال ج ١ ص ٧٧.
(٣) البرهان ١ / ٣٨.