الْمُؤْمِنِينَ يَغْذُونَهُمْ بِشَجَرَةٍ فِي الْجَنَّةِ لَهَا أَخْلَافٌ كَأَخْلَافِ الْبَقَرِ فِي قَصْرٍ مِنْ دُرَّةٍ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أُلْبِسُوا وَطُيِّبُوا وَأُهْدُوا إِلَى آبَائِهِمْ ، فَهُمْ مُلُوكٌ فِي الْجَنَّةِ مَعَ آبَائِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى : وَالَّذِينَ آمَنُوا وَأَتْبَعْنَاهُمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ (١).
وقال الشيخ أبو علي (ره) في تفسير الآية : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا ) عطف على ( بِحُورٍ عِينٍ ) أي وبالذين آمنوا ، أي بالرفقاء والجلساء ، فيتمتعون تارة بملاعبة الحور وتارة بمؤانسة الإخوان ، وقرئ ( وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ ) وذُرِّيَّاتُهُمْ وأتبعناهم ذُرِّيَّاتِهِمْ و ( أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) وذُرِّيَّاتِهِمْ ـ انتهى.
وعَنِ النَّبِيِّ (ص) : « الْمُؤْمِنُونَ وَأَوْلَادُهُمْ فِي الْجَنَّةِ ». وقرأ هذه الآية (٢) والمعنى : أن الله سبحانه يجمع لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم وبمزاوجة الحور العين وبمؤانسة الإخوان المؤمنين المتقابلين وباجتماع أولادهم ونسلهم معهم.
قوله تعالى : ( وَالذَّارِياتِ ذَرْواً ) [ ٥١ / ١ ] وهي الرياح تَذْرُو الشيء ذَرْواً وذَرْياً : تنسفه وتذهبه ، ويقال : « ذَرَتْهُ الريح وأَذْرَتْهُ » طيرته.
وفِي الْحَدِيثِ : « سُئِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام عَنِ الذَّارِياتِ ذَرْواً فَقَالَ : الذَّارِيَاتِ هِيَ الرِّيحُ ، وَعَنْ ( الْحَامِلَاتِ وِقْراً ) فَقَالَ : هِيَ السَّحَابُ ، وَعَنِ ( الْجَارِيَاتِ يُسْراً ) فَقَالَ : هِيَ السُّفُنُ ، وَعَنِ ( الْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً ) قَالَ : الْمَلَائِكَةُ ، وَهُوَ قَسَمٌ كُلُّهُ » (٣).
وفِي الْحَدِيثِ : « كَسْبُ الْحَرَامِ يَبِينُ فِي الذُّرِّيَّةِ ». قيل عليه : أنه ينافي قوله
__________________
(١) البرهان ج ٤ ص ٢٤٢. ويلاحظ أن الآية الكريمة وردت في الحديث موافقة لقراءة أبي عمرو ،.
(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ١١٩.
(٣) تفسير علي بن إبراهيم ص ٦٤٦.