أصلها « ذُرُّورَةٌ » على وزن فعلولة من « الذرّ » بمعنى التفريق ، لأن الله ذَرَّهُمْ في الأرض ، فلما كثر التضعيف أبدلوا الراء الأخيرة ياء فصارت « ذروية » فأدغمت الواو في الياء فصارت « ذُرِّيَّةً » ، وتجمع على « ذُرِّيَّاتٍ » و « ذَرَارِيّ » بالتشديد.
قوله تعالى : ( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ ) ـ الآية [ ٦ / ٨٤ ] قال المفسِّر : أي من ذرية نوح (ع) ، لأنه أقرب المذكورين ولأن فيمن عددهم ليس من ذرية إبراهيم (ع) ، وقيل : أراد ومن ذرية إبراهيم (ع) ، وإنما سمي ذُرِّيَّتِهِ إلى قوله : ( كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) ثم عطف عليه قوله : ( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى ) ، قال : ولا يمتنع أن يكون غلب الأكثر الذين هم من نسل إبراهيم (ع).
قوله تعالى : ( وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ. وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ ) [ ٣٦ / ٤١ ـ ٤٢ ] قال المفسر : ذُرِّيَّتَهُمْ أولادهم ومن يهمهم حمله. وقيل : إن اسم الذُّرِّيَّةِ يقع على النساء لأنهن من مزارعها.
وفِي الْحَدِيثِ نَهَى عَنْ قَتْلِ الذَّرَارِيِ ، وَخَصَّهُمْ بِالْحَمْلِ لضعفهم ، ولأنهم لا قوة لهم على السفر كقوة الرجال ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أي من مثل الفلك ( ما يَرْكَبُونَ ) ، يعني الإبل وهي سفن البر ، وقيل : ( الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ ) سفينة نوح (ع) ، و ( مِنْ مِثْلِهِ ) أي مثل ذلك الفلك ( ما يَرْكَبُونَ ) من السفن والزوارق (١).
قوله تعالى : ( وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [ ٥٢ / ٢١ ] رُوِيَ عَنِ الصَّادِقِ (ع) قَالَ : « قَصُرَتِ الْأَبْنَاءُ عَنِ الْآبَاءِ فَأَلْحَقُوا الْأَبْنَاءَ بِالْآبَاءِ لِتَقَرَّ أَعْيُنُهُمْ » (٢).
وعَنْهُ (ع) أَنَّهُ قَالَ : « إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَكْفَلَ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ أَطْفَالَ
__________________
(١) انظر مجمع البيان ج ٤ ص ٤٢٦.
(٢) البرهان ج ٤ ص ٢٤١.