الآخرة في حق من عرفها ، إذ يعرف أنها من منازل السائرين إلى الله ، وهي كرباط بني على طريق أعد فيها العلف والزاد وأسباب السفر ، فمن تزود لآخرته فاقتصر منها على قدر الضرورة من المطعم والملبس والمنكح وسائر الضروريات فقد حرث وبذر وسيحصد في الآخرة ما زرع ومن عرج عليها واشتغل بلذاتها وحظوظها هلك ، قال تعالى : ( زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ ) [ ٣ / ١٤ ] وقد عبر العزيز عن حظك منها بالهوى فقال : ( وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ) [ ٧٩ / ٤٠ ، ٤١ ] ـ انتهى.
وفِي الْحَدِيثِ : « كَانَتِ الدُّنْيَا بِأَسْرِهَا لِآدَمَ وَلِأَبْرَارِ وُلْدِهِ ، فَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْأَعْدَاءُ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِالْحَرْبِ وَالْغَلَبَةِ فَهُوَ فَيْءٌ ، وَمَا رَجَعَ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ ذَلِكَ سُمِّيَ أَنْفَالاً ، وَهُوَ لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ ».
وفِيهِ « لَرَوْحَةٌ أَوْ غُدْوَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » (١). أي من إنفاقها لو ملكها ، أو من نفسها لو ملكها ، أو تصور تعميرها ، لأنه زائل لا محالة ، وهما عبارة عن وقت وساعة.
و « أَدْنَوْهُ مني » ـ بفتح همزة ـ أي قربوه مني.
و « التَّدَانِي إلى الشيء » التقرب منه.
و « أَدْنَاهُمَا من فيه » قربهما.
و « أَدْنَى من صداقها » أي أقل من مهرها.
و « أَدْنَى خيبر » أي أسفلها وطرفها مما يلي المدينة.
وفِي حَدِيثِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : « مَا فِيهِ دَنِيءٌ » أي دون أو خسيس ، « وإِنَّمَا فِيهِمْ أَدْنَى ». أي أقل رتبة.
و « الدَّنِيءُ » الخسيس من الرجال.
و « الدَّنِيُ » القريب ـ غير مهموز.
و « دَنَا يَدْنُ » ومثل قرب يقرب.
و « دَانَيْتُ بين الأمرين » قاربت بينهما.
و « ادْنُ » ـ بضم الهمزة وسكون
__________________
(١) التاج ج ٤ ص ٢٩٢.