فإذا كانت هذه أقوالهم تشهد على عقيدتهم
، فمن الطبيعي جدّاً أن يتناقض هؤلاء مع ما يقوله أهل البيت من عرض كلّ حديث على
كتاب الله ووزنه عليه ؛ لأنّ القرآن هو القاضي على السنّة ، ومن الطبيعي أيضاً أن
يرفضوا هذه الأحاديث ، ولا يعترفوا بها ولو رواها أئمة أهل البيت ؛ لأنّها تنسف
مذهبهم نسفاً.
فقد ذكر البيهقي في كتاب دلائل النبوة
بأنّ الحديث الذي رُوي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
وهو قوله : « إذا جاءكم الحديث عنّي فاعرضوه على كتاب الله » ، قال البيهقي : هذا
حديث باطل لا يصحّ ، وهو ينعكس على نفسه بالبطلان ، فليس في القرآن دلالة على عرض
الحديث على القرآن .
وصرّح ابن عبد البر نقلا عن عبد الرحمان
بن مهدي بأنّ الحديث الذي روي عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم
أنّه قال : « ما أتاكم عنّي فاعرضوه على كتاب الله ، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته
، وإن خالف كتاب الله فلم أقله » ، هذه الألفاظ لا تصحّ عنه عند أهل العلم بصحيح
النقل من سقيمه ، وقال بأنّ هذا الحديث وضعه الزنادقة والخوارج .
أُنظر إلى هذا التعصّب الأعمى الذي لم
يترك لهم سبيلا للتحقيق العلمي والخضوع للحقّ ، فأصبحوا يسمون رواة هذا الحديث ـ
وهم أئمة الهدى من العترة الطاهرة ـ بالزنادقة والخوارج ، ويتهمونهم بوضع الحديث!
وهل لنا أن نسألهم : ما هو هدف الزنادقة
والخوارج من وضع هذا
__________________