وكان من المفروض على ابن عمر و « أهل السنّة والجماعة » أن يقتلوا معاوية بن أبي سفيان الذي شقّ عصا الطاعة وطلب الخلافة لنفسه ، وذلك حسب الروايات التي أخرجوها في صحاحهم من أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إذا بويع لخليفتين فاقتلوا الآخر منهما (١).
وقال صلىاللهعليهوآلهوسلم كما جاء في صحيح مسلم وغيره : « مَن بايع إماماً فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليعطِه إن استطاع ، فإنْ جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر » (٢).
ولكنّ عبد الله بن عمر عكس الآية تماماً ، وبدلا من الامتثال لحديث النبيّ وأوامره ، ومقاتلة معاوية وقتله لأنّه نازع خليفة المسلمين وأشعل نار الفتنة ، نراه يمتنع عن بيعة علي التي أجمع عليها المسلمون ، ويبايع معاوية الذي شقّ عصا الطّاعة ، ونازع الإمام ، وقتل الأبرياء ، وتسبّب في فتنة بقيت
__________________
فقط ، وأمّا رفض بعض الصحابة العثمانيين لها فهذا لا يؤثّر في المقام ولا يجعل كلام المؤلّف متناقضاً ؛ لأنّ بيعة أبي بكر وعمر وعثمان واجهت معارضة كبيرة من أجلاّء الصحابة ، ووقع بسببها القتال وإراقة الدماء ، وأمّا رفض الخلفاء والملوك والأُمراء من بني أُميّة وبني العباس لبيعة علي بن أبي طالب ورفضهم تسميته بالخليفة فهذا لا يؤثر ولا يجعل كلام المؤلّف متناقضاً ، لأنّ هؤلاء الأمراء والملوك جاءوا بعد شهادة علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فرفضهم متأخر لا يؤثر على خلافته وبيعته المتقدّمة ولا يجعل كلام المؤلّف متناقضاً لمن تدبّر قليلا.
١ ـ صحيح مسلم ٦ : ٢٣ ( كتاب الامارة ، باب إذا بويع لخليفتين ) ، سنن البيهقي ٨ : ١٤٤.
٢ ـ مسند أحمد ٢ : ١٦١ ، صحيح مسلم ٦ : ١٨ ( كتاب الامارة ، باب إذا بويع الخليفتان ) ، سنن أبي داود ٢ : ٣٠١.