ورسولَه ، ويُحبّهُ الله ورسوله ، كرّاراً ليس فرّاراً ، امتحن الله قلبه للإيمان » ، ولما أصبح أعطاها لقاطع اللذّات ، ومفرّق الجماعات ، ومُفرّج الكُربات ، وصاحب الكرامات ، أسد الله الغالب علي بن أبي طالب (١).
وقد أبانَ حديث الراية هذا فضل علي ، وفضائله على سائر الصحابة ، وعلوّ مقامه عند الله ورسوله ، وفوزَه بمحبّة الله ورسوله ، ولكنّ بغض عبد الله ابن عمر شاء أن يجعل عليّاً من سوقة الناس!
وقد قدّمنا بأنّ « أهل السنّة والجماعة » عملوا بهذا الحديث الذي أوحاه إليهم سيّدهم عبد الله بن عمر ، فلم يعدّوا علي بن أبي طالب ضمن الخلفاء الراشدين ، كلاّ ولم يعترفوا بخلافته إلاّ في زمن أحمد بن حنبل كما أثبتناه ، عندما افتضحوا في عهد كثُر فيه الحديث والمحدّثون ، وبدأت أصابع الاتّهام تتوجّه إليهم ، وتُوصمهم بالنّصْبِ والبغض لأهل البيت النبوي ، وقد عرف المسلمون كلّهم بأنّ بغض علي من أكبر علامات النفاق.
عند ذلك اضطرّوا للقول بخلافة علي ، وألحقوه بركب الراشدين ، وتظاهروا بمحبّة أهل البيت زوراً وبهتاناً.
وهل من سائل يسأل ابن عمر : لماذا اختلف المسلمونَ كلّهم أو جلّهم بعد وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في من يستحقّ الخلافة ومن هو أولى بها ، فاختلفوا في
__________________
١ ـ ذكر حديث الراية كلّ من البخاري في صحيحه ٥ : ٧٦ ( كتاب المغازي ، باب غزوة خيبر ) ، ومسلم في صحيحه ٥ : ١٩٥ ( كتاب فضائل الصحابة ، باب فضائل علي ( رضي الله عنه ) ) ، وابن ماجة في سننه ١ : ٤٥ ح١٢١ ، وأحمد في مسنده ١ : ٩٩ ، والترمذي في سننه ٥ : ٣٠٢.