« والله ما فعلتها إلاّ لأنّك رجوتَ منه ما رجَا صاحبكما من صاحبه ، دقَّ الله بينكما عطر منشم » (١).
ويقصد الإمام علي بأنّ عبد الرحمان طمع أن يستخلفه عثمان من بعده كما فعل أبو بكر بعمر ، وقد قال له علي : « أحلب حلباً لك شطره واشدد له اليوم ليردّه عليك غداً » (٢).
أما عطر منشم الذي دعا به علي عليهما فهو مَثلٌ سائر يقال : أشأم من عطر منشم ، وهو يدلّ على النفور والمقاتلة.
واستجاب الله دعاء الإمام ، فلم تمض سنوات قليلة حتّى ضرب الله بينهم العداوة والبغضاء ، وإذا بعبد الرحمان يُعادي صهره ، ولا يكلّمه حتّى الموت ، ولا يأذن له بالصّلاة على جنازته.
ويتجلّى لنا أيضاً من هذا البحث الوجيز أنّ عبد الرحمان بن عوف هو رأس من رؤوس قريش الذين عملوا على طمس السنّة النبويّة وإبدالها ببدع الخليفتين.
كما يتجلّى لنا بأنّ الإمام علياً عليهالسلام هو الوحيد الذي ضحّى بالخلافة وما فيها ، من أجل الحفاظ على السنّة المحمّدية التي جاء بها أخوه وابن عمّه محمّد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين.
وأنتَ أيّها القارئ الكريم لا شكّ بأنّك عرفت « أهل السنّة والجماعة » على حقيقتهم ، كما عرفت بنفسك من هم أهل السنّة ، فالمؤمن غرّ كريم ،
__________________
١ ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ : ١٨٨.
٢ ـ المصدر السابق ٦ : ١١ ، الإمامة والسياسة ١ : ٢٩.