فحاربه طلحة والزبير ، وخذله سعد.
ولا تنسَ بأنّ عثمان بن عفّان لم يمت حتّى كوّنَ لعلي مُنافساً جديداً هو أخطر منهم جميعاً ، وأشدّ مكراً ودَهاء ، وأكثرهم عدّة وعدداً ، فقد مهّد له عثمان للاستيلاء على الخلافة بأنْ ضمّ له تحت ولايته التي دامت عشرين عاماً أهمّ الولايات ، والتي تجمع أكثر من ثلثي العائدات للدولة الإسلامية بأسرها.
وهذا المنافس هو معاوية الذي لم يكنْ له دينٌ ولا خلقٌ ، وليس له شغلٌ إلاّ الوصول إلى الخلافة بأيّ ثمن وعن أيّ طريق.
ومع ذلك فإنّ أمير المؤمنين عليّاً لم يجبر الناس على البيعة بالقوّة والإكراه ، كما فعل الخلفاء من قبله ، ولكنّه تقيّد ( سلام الله عليه ) بأحكام القرآن والسنّة ، ولم يغيّر ولم يبدّل أبداً ، ألم تقرأ قوله لسعد : « لقد بايعني المهاجرون والأنصار على أن أعمل فيهم بكتاب الله وسنّة نبيّه ، فإن رغبتَ بايعتَ وإلاّ جلست في دارك ، فإنّي لستُ مكرهك عليه ».
هنيئاً لك يابن أبي طالب ، يا من أحييتَ القرآن والسنّة بعدما أماتهما غيرك من قبلك ، فهذا كتاب الله ينادي : ( إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (١).
وقوله تعالى : ( أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ ) (٢).
__________________
١ ـ الفتح : ١٠.
٢ ـ يونس : ٩٩.