فكتب إليه سعد : إنّك سألتني مَن قتل عثمان؟ وإنّي أخبرك أنّه قُتِلَ بسيف سلّتْهُ عائشة ، وصقله طلحة ، وسمّه ابن أبي طالب ، وسكت الزبير وأشار بيده ، وأمسكنا نحن ولو شئنا دفعناه عنه ، ولكنّ عثمان غيّر وتغيّر ، وأحسن وأساء ، فإن كنّا أحسنّا فقد أحسنّا ، وإن أسأنا نستغفر الله ، وأخبرك أنّ الزبير مغلوب بغلبة أهله وبطلبه بذنبه ، وطلحة لو يجدُ أن يشقّ بطنه من حبّ الإمارة لشقّه ... (١).
ولكن الغريب في سعد بن أبي وقّاص أنّه تخلّف عن بيعة أمير المؤمنين علي ولم يُعينه ، وهو يعرف حقّ الإمام وفضله ، فقد روى بنفسه عدّة فضائل في علي ، منها ما أخرجه الإمام النسائي والإمام مسلم في صحيحيهما :
قال سعد : سمعتُ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول في علي خصالا ثلاثاً ؛ لئن يكون لي واحدة منهنّ أحبّ إليَّ من حمر النعم ، سمعته يقول : « إنّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي » ، وسمعته يقول : « لأعطينّ الراية غداً رجلا يحبّ الله ورسولَه ويُحبّهُ الله ورسولُه » ، وسمعته يقول : « أيّها الناس من وليّكم »؟ قالوا : الله ورسوله ثلاثاً ، ثمّ أخذ بيد علي فأقامه ثمّ قال : « من كان الله ورسوله وليّهُ فهذا وليه ، اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه » (٢).
__________________
١ ـ تاريخ الخلفاء لابن قتيبة ١ : ٦٧.
٢ ـ خصائص الإمام النسائي ، ط / القاهرة : ٢٣ ح١٢ ، و ٦٣ ح٩٦ والمؤلّف لفّق بين الحديثين ، وورد الحديث في صحيح مسلم ٤ : ٣٠ ـ ٣٢ باب فضائل علي بن أبي طالب ولكن ليس فيه ( أيها الناس من وليكم .. ) ، وورد الحديث في سنن ابن ماجة ١ : ٥٦ عن سعد بن أبي وقاص قال : ( قدم معاوية في بعض حجّاته فدخل