به الإمام مالك من الجاه والسلطان ، حتى إنّ الإمام الشافعي كان يتوسّل بوالي المدينة كي يدخل على مالك ، فيقول له الوالي : « أفضل المشي راجلا من المدينة إلى مكة أهون عليَّ من الوقوف على باب مالك ، لأنّي لا أشعر بالذلة إلاّ عند الوقوف على بابه » (١).
وهذا أحمد أمين المصري يقول في كتابه ظهر الإسلام : « كانَ للحكومات دخلٌ كبير في نصرة مذهب أهل السنّة ، والحكومات عادة إذا كانتْ قويّة وأيّدتْ مذهباً من المذاهب تبعهُ الناسُ بالتقليد ، وظلّ سنداً إلى أن تدول الدولة » (٢).
ونحن نقول بأنّ مذهب الإمام جعفر الصادق ، وهو مذهب أهل البيت إذا جاز لنا تسميتُه بالمذهب جرياً على عادة المسلمين ، وإلاّ فإنّه الإسلام الصحيح الذي جاء به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يُؤيّده أي حاكم ، ولم تعترف به أيّة سلطة ، بل عمل كلّ الحكّام على إسقاطه والقضاء عليه ، وتنفير الناس منه بشتّى الوسائل.
فإذا شقّ تلك الظلمات الحالكة ، وكان له أتباعٌ وأنصارٌ عبر القرون الظّالمة ، فذلك من فضل الله تعالى على المسلمين ؛ لأنّ نور الله لا تُطفِئُه الأفواه ، ولا تقضي عليه السيوف ، ولا تبطله الدّعايات الكاذبة ، والإشاعات المُغرضة ؛ لئلاّ يكون للناس على الله حجّة ، أو يقولوا إنّا كنّا عن هذا غافلين.
والذين اقتدوا بأئمة الهُدى من العترة الطاهرة ، كانُوا ثلّة قليلة يُعدّون على
__________________
١ ـ نحوه في تاريخ دمشق لابن عساكر ٥١ : ٢٨٦.
٢ ـ كتاب ظهر الإسلام ٤ : ٩٦ ، الفصل الثالث.