ومؤسس مذاهبهم لا يُطيقها؟!
ألم يقل الله سبحانه في حقّها : ( لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (١)؟ وقال في حقّها أيضاً : ( لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ) (٢) ، وقال أيضاً : ( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَج ) (٣).
فهل يرى أبو بكر وصاحبه عمر أنَّ رسول الله ابتدع ديناً غير الذي أنزل الله ، فأمر المسلمين بما لا يُطاق وكلّفهم عُسراً؟
حاشاه فقد كان كثيراً ما يقول : « بشّروا ولا تُنفّروا ، يسّروا ولا تُعسّروا » (٤) ، « لا تشدّدوا على أنفسكم فيشدد عليكم ، فإنّ قوماً شدّدوا على أنفسهم فشدد اللّه عليهم » (٥).
ولكنّ اعتراف أبي بكر بأنّه لا يُطيق سنّة النبيّ يؤكّد ما ذهبنا إليه من أنّه أحدثَ بدعةً يطيقها حسب هواه ، وتتماشى وسياسة الدّولة التي ترأسها.
ولعلّ عمر بن الخطّاب كان يرى هو الآخر بأنّ أحكام القرآن والسنّة لا تُطاق ، فعمد إلى ترك الصلاة إذا أجنب ولم يجد الماء ، وأفتى بذلك أيّام خلافته ، وقد عرف ذلك الخاصّ والعامّ ، وأخرج ذلك عنه كلّ المحدّثين!!
وبما أنّ عمر كان مولعاً بكثرة الجماع ، وهو الذي نزل فيه قوله تعالى :
__________________
١ ـ الأحزاب : ٢١.
٢ ـ البقرة : ٢٨٦.
٣ ـ الحج : ٧٨.
٤ ـ صحيح مسلم ٥ : ١٤١ ( كتاب الجهاد ، باب تحريم الغدر ).
٥ ـ سنن ابن داود ٢ : ٤٥٧ ح٤٩٠٤ ، مجمع الزوائد للهيثمي ٦ : ٢٥٦ ، وغيرها.