منازلنا أُنزل الوحيُ ، ومن عندنا خرج العلم إلى الناس ، أفتراهم علموا واهتدوا وجهلنا وضللنا؟! » (١).
نعم ، كيف لا يتعجّب الإمام الصادق من أُولئك الذين يدّعون أنّهم أخذوا العلم من رسول الله ، وهم يعادون أهل بيته ، وبابَ علمه الذي منه يؤتَى! وكيف لا يتعجّبْ من انتحالهم اسم « أهل السنّة » وهم يُخالفون هذه السنّة؟!
وإذا كان الشيعة ـ كما يشهدُ التاريخ ـ قد اختصّوا بعليّ ، فناصروه ووقفوا ضدّ عدوّه ، وحاربوا حربه ، وسالموا سلمه ، وأخذوا كلّ علومهم منه ، فأهل السنّة والجماعة لم يتشيّعوا له ولم ينصروه ، بل حاربوه وأرادوا القضاء عليه ، وقد تتبّعوا أولاده من بعده قتلا وسجناً وتشريداً ، وخالفوه في أكثر الأحكام باتّباعهم أدعياء العلم الذين اختلفوا بآرائهم واجتهاداتهم في أحكام الله ، فبدّلوها حسب أهوائهم وما اقتضته مصالحهم.
وكيف لا نعجب نحن اليوم من الذين يدّعون اتّباع السنّة النبويّة ، ويشهدون على أنفسهم أنّهم تركوا سنّة النبيّ لأنّها أصبحت شعاراً للشّيعة (٢) ، أليس ذلك عجيباً؟!
كيف لا نعجب من الذين يزعمون بأنّهم « أهل السنّة والجماعة » وهم جماعات متعدّدة مالكية وحنفية وشافعية وحنبلية ، يُخالفون بعضهم في الأحكام الفقهيّة ، ويدّعون بأنّ ذلك الاختلاف هو رحمة لهم ، فيصبح بذلك
__________________
١ ـ بصائر الدرجات : ٣٢ ، الكافي ١ : ٣٩٨.
٢ ـ يراجع في ذلك كتاب « مع الصادقين » ص١٥٩ ـ ١٦٠ ليعرف بأنّ ابن تيميّة يقول بترك السنّة النبويّة إذا أصبحت شعاراً للشيعة ومع ذلك يسمّونه مجدّد السنّة.