فقال الرجل : « لقد ثبت عند أهل البيت عليهمالسلام أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يصلّي على موتى المسلمين صلاتين ، صلاة بخمس تكبيرات على المسلمين الذين لم يظهر منهم نفاق ، وصلاة بأربع تكبيرات على المنافقين (١) قبل أنّ ينزل فيهم أمر النهي بعدم الصلاة عليهم والوقوف على قبورهم مطلقا ».
أمّا الفرق بين الصلاتين فهو يحتاج إلى خزّان الدين ، وحفظة علومه ، ليبيّنوه لنا ، هؤلاء كما كنت أشرت في بداية كلامي هم أهل بيت النبيّ صلىاللهعليهوآله ، الصفوة من الخلق ، الذين اختارهم الله سبحانه وتعالى ، ليتحملوا مسؤوليّة حفظ الدين ، والإمام جعفر ابن محمد الصادق عليهالسلام هذا الإمام الجليل الذي درس عنده مالك بن انس وأبو حنيفة وهو سادس أئمّة أهل البيت ، قد فسّر ذلك نقلاً عن آبائه ، عن أبيه الأكبر محمّد بن عبد الله صلىاللهعليهوآله ، بأنّ الصلاة على الميّت هي خمس تكبيرات ، بعدد أركان الدين الخمس ، وبعدد الصلوات الخمس ، دلالة على تمام وكمال دين الميت ، وأما الصلاة بأربع تكبيرات ، فهي إشارة إلى نقص في دين الميت (٢) ، وقد اقتضت الضرورة ، في بداية استقرار النبيّ صلىاللهعليهوآله في المدينة ، الصلاة على موتى المنافقين لتأليف أهلهم ، وعدم بثّ الفرقة والبلبلة في نفوس الوافدين الجدد ، الذين ما زالوا لم يميّزوا أبسط الأحكام ، فضلا عن التمييز بين المؤمن والمنافق ، والذي قد لا يكون متاحاً للنبيّ صلىاللهعليهوآله نفسه ، كما في قوله تعالى : ( وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ ) (٣).
لاذ جميع الحاضرين بالصمت ، كأنّ على رؤوسهم الطير ، أمّا المتحمّس الذي
_________________
(١) المقنعة للمفيد : ٢٣٠ ، علل الشرايع ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ ، وسائل الشيعة ٣ : ٧٢ ـ ٧٩.
(٢) علل الشرائع ١ : ٣٠٣ ، وسائل الشيعة ٣ : ٧٧.
(٣) التوبة : ١٠١.