ما يحدُثُ له في نومِهِ ، فلمّا استيقظ عُمرُ ورأى ما أصاب النّاسَ وكان رجُلا جليداً ، فكبّر ورفع صوته بالتكبير ، فما زال يُكبّر ويرفَعُ صوته بالتكبير حتى استيقظ بصوته النبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلمّا استيقظ شكوا إليه الذي أصَابهم ، قال : لا خَيْرَ ولا يُضِيرُ ارتَحِلوا.
فارتحل فسار غير بعيد ، ثمّ نزلَ فدعَا بالوضوءِ فتوضَّأ ونودِيَ بالصّلاةِ فصَلَّى بالنّاس ، فلمّا انفَتل من صلاته إذا هو برجُل معتزل لم يصلّ مع القوم ، قال : ما منعك يا فلانٌ أنْ تُصَلِّيَ مع القوم؟ قال : أصابتني جنابةٌ ولا ماء! قال : عليك بالصّعيد فإنّه يكفيكَ ... (١).
ولكنّ عمر يقول معارضة لكتاب الله وسنّة رسوله : من لم يجد الماء لا يُصلِّ .. وهذا مذهبه سجّله عليه أغلب المحدّثين. فقد أخرج مسلم في صحيحه ج١ من كتاب الطّهارة باب التيمّم : أنّ رجلا أتى عُمرَ فقالَ : إنّي أجنبت فلم أجد ماءً ، فقال : لا تُصَلِّ (٢) ، فقال عمّار : أما تذكرُ يا أميرَ المؤمنين إذْ أنا وأنتَ في سَريَّة ، فأجنَبنَا فلم نجدْ ماءً ، فأمَّا أنت فلم تُصَلِّ وأمَّا أنَا فتمعَّكتُ في التراب وصلّيتُ ، فقال النبىُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّما كان يكفيكَ أنْ تضربَ بيديك الأرضَ ، ثمّ تنفُخَ ثمّ تمسَحَ بهما وجْهَكَ وكفّيكَ ، فقال عمر :
____________
(١) صحيح البخاري ١ : ٨٨ كتاب التيمّم ، باب الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء.
(٢) وفي جامع الأُصول ٧ : ٢٩٣ ذيل حديث ٥٢٩٠ عن أبي داود أنّ عمر قال : « أمّا أنا فلم أكن اُصلّي حتى أجد الماء »! ولا ندري كم من الصلاة فاتته في حياته لجهله بالأحكام.