الأبناء نقمة على الآباء ، وهذا ما يحدثُ في كثير من البلدان الإسلاميّة في أفريقيا للأسف.
ونعود لوفاة أبي بكر لنجد أنّه وقبل موته ندم على ما اقترفت يداه ، فقد نقل ابن قتيبة في تاريخ الخلفاء قوله : « أجل والله ما آسى إلاّ على ثلاث فعلتهن ليتني كنتُ تركتهنَّ : فليتني تركتُ بيت علي ، وفي رواية لم أكشف بيت فاطمة عن شيء ، وإن كانوا قد أعلنوا علىّ الحـرب ، وليتني يوم سـقيفة بني ساعدة كنتُ ضربتُ على يد أحد الرجلين أبي عبيدة أو عمر ، فكان هو الأمير وكنتُ أنا الوزير ، وليتني حين أتيتُ ذي الفجاءة السلمي أسيراً أني قتلتُه ذبيحاً أو أطلقته نجيحاً ، ولم أكن أحرقُته بالنار » (١).
ونحن نُضيف : ليتك يا أبا بكر لم تظلم الزهراء ، ولم تؤذها ، ولم تغضبها ، وليتك ندِمتَ قبل موتها وأرضيتها ، هذا بخصوص بيت علي الذي كشفتَهُ وأبحتَ حرقَهُ.
أما بخصوص الخلافة فليتك تركتَ صاحبيك وعضديك أبا عبيدة وعمر ، وضربت على يد صاحبها الشرعي الذي استخلفه صاحب الرسالة ، فكان هو الأمير ، إذن لكان العالم اليوم غير ما نشاهده ، ولكان دين الله هو الذي يسود الكرة الأرضية ، كما وعد الله ووعده حقّ.
وأمّا بخصوص الفجاءة السلمي الذي أحرقته بالنّار ، فيا ليتك لم تحرق السّنن النبويّة الّتي جمعتها ، ولكنت تعلّمت منها الأحكام التشريعية
____________
(١) تاريخ الطبري ٢ : ٦١٩ ، تاريخ دمشق ٣٠ : ٤٢٠ ، الإمامة والسياسة ١ : ٣٦ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٣٧ ، ط دار صادر ، باختلاف في الألفاظ.