أبي طالب إلى بني جذيمة ، فودّى دماءهم وما أصيب من أموالهم ...
وقد عمّ النّكير على الحادث بين أجلاّء الصحابة ، من حضر منهم السَّرية ومن لم يحضرها ، واشتدّ عبد الرحمن بن عوف حتى رمى خالداً بقتل القوم عمداً ليدرك ثار عميّه « انتهى كلام العقّاد.
نعم ، هذا ما ذكره العقّاد بالحرف في كتابه عبقرية خالد ، والعقّاد كغيره من مفكّري أهل السنّة بعد ما يورد القصّة بكاملها يلتمسُ أعذاراً باردة ملفّقة لخالد بن الوليد ، لا تقوم على دليل ولا يقبلها عقل سليم ، وليس للعقّاد عُذرٌ سوى أنّه يكتب « عبقرية خالد » ، فكلّ ما جاء به من أعذار لخالد فهي واهية كبيت العنكبوت ، والذي يقرأها يشعر بسخافة الدفاع ووهنه.
فكيف وقد شهد هو بنفسه في كلامه بأنّ النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسلهم دعاة ولم يأمرهم بقتال؟! وأعترف بأنّ بني جذيمة نزعوا سلاحهم بعد ما لبسوه عندما خدعهم خالد بقوله لأصحابه : ضعوا السّلاح فإنّ الناس قد أسلموا؟! واعترف ـ أيضاً ـ بأنّ جحدم الذي رفض نزع السّلاح ، وحذّر قومه بأنّ خالداً سيغدر بهم بقوله : ويلكم يا بني جذيمة إنّه خالد ، والله ما بعد وضع السّلاح إلاّ الأسار ، وما بعد الأسار إلاّ ضرب الأعناق ، والله لا أضع سلاحي أبداً؟!! وقال العقّاد : بأنّ بني جذيمة ما زالوا به حتّى نزع سلاحه ، وهذا ما يدلُّ على إسلام القوم وحسن نيّتهم.
فإذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أرسلهم دُعاة ولم يأمرهم بقتال ، كما شهدتَ يا عقّاد ، فما هو عذر خالد لمخالفة أوامر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم؟ هذه عقدة لا أحسبك تحلّها يا عقّاد.