أهل الشام ، فتذاكروا ما أتى إليهم ، فقال لهم نافع بن الأزرق : إن الله قد أنزل عليكم الكتاب وفرض عليكم فيه الجهاد واحتج عليكم بالبيان ، وقد جرّد فيكم السيوف أهل الظلم ، وأولو العدى والغَشم ، وهذا مَن قد ثار بمكة فاخرجوا بنا نأت البيت ونلق هذا الرجل ، فإن يكن على رأينا جاهدنا معه العدو ، وإن يكن على غير رأينا دافعنا عن البيت ما استطعنا ونظرنا بعد ذلك في أمورنا ، فخرجوا حتى قدموا على عبد الله بن الزبير فسرّ بمقدمهم ونبّأهم أنّه على رأيهم ، وأعطاهم الرضا من غير توقف ولا تفتيش ، فقاتلوا معه حتى مات يزيد بن معاوية وانصرف أهل الشام عن مكة.
ثم إنّ القوم لقي بعضهم بعضاً فقالوا : إنّ هذا الذي صنعتم أمس بغير (١) رأى ولا صواب من الأمر ، تقاتلون مع رجل لا تدرون لعلّه ليس على رأيكم ، إنّما كان أمس يقاتلكم هو وأبوه ينادى يا لثارات عثمان ، فأتوه وسلوه عن عثمان فإن برئ منه كان وليّكم ، وإن أبى كان عدوكم (٢).
فمشوا نحوه فقالوا له : أيّها الانسان إنّا قد قاتلنا معك ولم نفتشك عن رأيك حتى نعلم أمنّا أنت أم من عدونا؟ خبرّنا ما مقالتك في عثمان؟
فنظر فإذا مَن حوله مِن أصحابه قليل ، فقال لهم : إنّكم أتيتموني فصادفتموني حين أردت القيام ، ولكن روحوا إليّ العشية حتى أعلمكم من ذلك الذي تريدون ، فانصرفوا. وبعث إلى أصحابه فقال : البسوا السلاح وأحضروني بأجمعكم العشية ففعلوا ، وجاءت الخوارج وقد أقام أصحابه حوله سماطين
____________
١ ـ ابن الأثير : ( لغير رأي ).
٢ ـ ابن الأثير : ( لغير رأي ).