مسرعاً ، مباعداً بين خطاه ، حتىٰ وقف علىٰ قبره ، فصلّىٰ عليه ، ثمَّ اعتنقه وبكىٰ (١).
فقد هبَّ عمر مسرعاً لزيارة قبر شخص بعينه ، ثمَّ اعتنقه وبكىٰ ، أما الصلاة المذكورة فالمراد بها الدعاء ، وهو الظاهر ، وقد يُراد بها الصلاة علىٰ الميت.
٤ ـ بلال يزور قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أيام عمر
سأل بلالُ عمرَ أن يقرّه بالشام ، قال : وأخي أبو رويحة الذي آخىٰ بيني وبينه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ففعل ذلك عمر. ثمَّ إنّ بلالاً وهو بالشام رأىٰ في منامه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يقول له : « ما هذه الجفوة يا بلال ! أما آن لك أن تزورني يا بلال ؟ » فانتبه حزيناً وجلاً ، فركب راحلته وقصد المدينة ، فأتىٰ قبر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فجعل يبكي عنده ويمرّغ وجهه عليه. فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام فجعل يضمّهما ويقبّلهما. فقالا له : نشتهي نسمع أذانك الذي كنت تؤذن به لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكان بلال قد ترك الأذان بعد وفاة رسول الله ، فاستجاب لهما ، فعلا سطح المسجد ، فوقف موقفه الذي كان يقف فيه. فلما أن قال : « الله أكبر ، الله أكبر » ارتجت المدينة.. فلما قال : « أشهد أن لا إله إلّا الله » ، ازدادت رجّتها بأهلها ، فلما أن قال : « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » خرجت حتىٰ العواتق من خدورهن ، وقالوا : أبُعِثَ رسول الله ؟! فما رئي يوم أكثر باكياً وباكيةً بالمدينة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من ذلك اليوم (٢).
ولهذا الخبر إسناد جيد ، نذكره لتشكيك منكري شد الرحال للزيارة فيه ، اتّباعاً
_________________________________
(١) الرياض النضرة ٢ : ٣٣٠.
(٢) اُسد الغابة ١ : ٣٠٧ ـ ٣٠٨ ، ترجمة بلال بن رباح ، وأخرجه ابن عساكر في ترجمة بلال أيضاً ، وفي ترجمة إبراهيم بن محمد الأنصاري ، انظر : مختصر تاريخ دمشق ٤ : ١١٨ و ٥ : ٢٦٥ ، وتهذيب الكمال ٤ : ٢٨٩ / ٧٨٢.