فليزره ، ولا يقول إلّا خيراً ، فإنّ الميت يتأذىٰ مما يتأذىٰ منه الحيّ » (١).
ومن حديث بريدة : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يعلّمهم إذا خرجوا إلىٰ المقابر أن يقول قائلهم : « السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ، وإنّا إن شاء الله بكم لاحقون ، نسأل الله لنا ولكم العافية » (٢).
وهكذا يؤسس الإسلام لأدب الزيارة ، لاغياً ما كان متعارفاً في عادات الجاهلية.
وبعد ذلك كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يزور القبور بنفسه ، ويعلم المسلمين ماذا يقولون عند زيارتها ، فاصلاً بين ما ينبغي وبين ما لا ينبغي من القول.
١ ـ أخرج مسلم ، والترمذي ، والنسائي ، والحاكم ، والبغوي حديث بريدة الأسلمي ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « قد كنت نهيتكم عن زيارة القبور ، فقد أُذِن لمحمّدٍ في زيارة قبر أُمّه ، فزوروها ، فإنّها تذكّر الآخرة » (٣).
قال الترمذي : وفي الباب عن أبي سعيد ، وابن مسعود ، وأنس ، وأبي هريرة ،
_________________________________
(١) الروض الفائق في المواعظ والرقائق : ٢٢ ، وعنه : الغدير ٥ : ٢٤٥.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٥ / ١٥٤٧.
(٣) صحيح مسلم ٢ : ٣٦٦ / ١٠٧ ـ كتاب الجنائز ـ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٧٠ / ١٠٥٤ ، السنن الكبرىٰ / النسائي ١ : ٦٥٣ / ٢١٥٩ ، المستدرك علىٰ الصحيحين ١ : ٥٣٠ / ١٣٨٥ ، مصابيح السنّة / البغوي ١ : ٥٦٨ / ١٢٣٩. ولا يخفىٰ أنَّ الغرض من ذكر مثل هذا الحديث هو الاستدلال علىٰ مشروعية زيارة القبور بفعل النبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقوله ، وقد ذهب أصحابنا وجمع من علماء الجمهور إلىٰ أنَّ والديه صلىاللهعليهوآلهوسلم كانا مؤمنين وهما من أهل الجنَّة.