ويدعو لهم ، وقد كان يكفيه ذلك من مكانه لو كان الأمر كما يقولون ، فلِمَ كان يخرج إلىٰ القبور ويقف عندها ، ويأمر أصحابه بزيارتها ؟
هذا وقد وضع أصحاب هذه الشبهة فتاوىٰ مختلفة ، كشف عنها السبكي وكشف زورها (١).
وهي مترتِّبة علىٰ الشبهة الأولى..
قال ابن تيمية ، موهماً كعادته ، أنه ينقل عن أهل العلم إجماعهم ، ( قالوا : ولأن السفر إلىٰ زيارة قبور الأنبياء والصالحين بدعة ، لم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين ، ولا أمر بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين ، فمن اعتقد ذلك عبادة وفعله فهو مخالف للسنّة ولإجماع المسلمين ).
ثمَّ أسند قوله هذا إلىٰ ابن بطة وحده في ( الإبانة الصغرىٰ ).
وسيسوقه هذا القول إلىٰ التكذيب بكل الأحاديث التي وردت في زيارة قبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد صنع ذلك ، فقال : ( ليس عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في زيارة قبره ولا قبر الخليل حديثاً ثابتاً أصلاً ) (٢) وقال أيضاً : ( والأحاديث الكثيرة المروية في زيارة قبره كلها ضعيفة ، بل موضوعة ، ولم يرو الأئمة ولا أصحاب السنن المتبعة كسنن أبي داوود والنسائي ونحوهما فيها شيئاً ) (٣).
_________________________________
(١) راجع شفاء السقام : ١٢٦ ـ ١٢٧.
(٢) كتاب الزيارة : ١٢ ـ ١٣ ـ المسألة الأولى.
(٣) كتاب الزيارة : ٣٨ ـ المسألة الرابعة.