ألسنتهم ، قال : لعلك تريد النحو؟ أما أنّه حق ، وأستعن بسورة يوسف » (١).
أقول : ومن هذا النص نستطيع القول بجزم إنّ ابن عباس كان على علم بالنحو ، ولا غرابة في ذلك بعد أن قرأنا عنه في السيرة والتاريخ حضوره مع الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في البصرة في حرب الجمل سنة ٣٦ هـ ، ولمّا كانت محاورة أبي الأسود مع الإمام عليّ عليه السلام في شأن اللحن وبدء تأسيس النحو كانت في البصرة ، فابن عباس غير بعيد عنها ، فهو مع الإمام عليه السلام وعنده ، وكان له في ذلك حضور مكثف منظور.
وممّا يؤكد صحة مشاركة ابن عباس في ذلك الدور ، ما قاله شيخ اللغويين ابن جني « المتوفى سنة ٣٩٢ هـ » في كتابه « الخصائص » باب في صدق النقلة وثقة الرواة والحملة : « هذا موضع من هذا الأمر ، لا يعرف صحته إلاّ من تصوّر أحوال السلف فيه ، وتصوّرهم ورآهم من الوقور والجلالة بأعينهم ، واعتقد في هذا العلم الكريم ما يجب اعتقاده له ، وعلم أنّه لم يوفّق لاختراعه وابتداء قوانينه وأوضاعه ، إلاّ البرّ عند الله سبحانه ، الحفيظ بما نوّه به وأعلا شأنه ، أو لا يُعلم أمير المؤمنين عليّاًَ ـ رضي الله عنه ـ هو البادئ به ، والمنّبه عليه ، والمنشئ والمرشد إليه ، ثم تحقق ابن عباس رضي الله عنه به ، واكتفال أبي الأسود ـ رحمة الله ـ إياه » (٢).
ويزيد هذه الحقيقة إيضاحاً ما نقرأ في مروياته من مصطلحات نحوية ، وشواهد لغوية ، حتى في غريب اللغة وشواذ القراءات ، فهذا لم
____________
(١) نفس المصدر ١ / ١٦.
(٢) الخصائص ٣ / (٢٠٩) ـ ٣١٠ ط دار الكتب المصرية بتحقيق محمد علي النجار ( سنة ١٣٧٦ هـ ـ ١٩٥٦ م ).