أممهم الشيء الكثير ، وجلّه قد يعدّ من القصص الإسرائيلي ، وهذا هو الباب الذي دسّ المستعربون والمستغربون فيه آنافهم فقالوا بأنّه أخذه عن أهل الكتاب. وقد فنّدنا هذا الزعم في جنايات المستشرقين كما ستأتي في الحلقة الرابعة إن شاء الله ، ونتعجل الإشارة إلى أنّ ابن عباس لم يكن بحاجة إلى أن يأخذ ذلك عن أهل الكتاب وعنده مدينة العلم وبابها.
وفي عملية المسح الشامل في « مجمع البيان » وجدت جميع ما ورد عنه في هذا الباب لم يبلغ الأربعين رواية ، وفيها ما رواه عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم كما في تفسيره قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ...) إلى قوله تعالى : (فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ) (١) ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « أنّهم أمروا بأدنى بقرة ، ولكنهم لمّا شدّدوا على أنفسهم ، شدّد الله عليهم ، وأيم الله لو لم يستثنوا ما بينّت لهم إلى آخر الأبد » (٢).
ومنها ما رواه عن أبيّ بن كعب ، كما في تفسر قوله تعالى : (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً ...) إلى قوله تعالى : (لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَباً) (٣) ، عن ابن عباس ، قال : « أخبرني أبيّ بن
____________
(١) البقرة / (٦٧) ـ ٧١.
(٢) مجمع البيان ١ / ٢٦٠.
(٣) الكهف / (٦٠) ـ ٦٢.