فيتخلص المنافقون الذين عانوا بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مغبّة عموم ما ورد في ذمّ المنافقين ، وما أنزل فيهم من آي الذكر الحكيم ، والحديث في هذا الجانب ليس بعيداً عن ابن عباس رضي الله عنه فهو أوّل من عُرفت عنه كلمة : « ما من عام إلاّ وقد خص ، إلاّ قوله تعالى : (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١) » (٢). وسيأتي ما يتعلق بالمقام.
وكلامه في الناسخ والمنسوخ ممّا طفحت به كتب التفسير والأحكام ـ وسيأتي بحث مسألة الناسخ والمنسوخ عند ابن عباس ـ.
فهو من منطلق مبدئه في جهاد الكفار بالسيف ، وجهاد المنافقين باللسان (٣) ، كان يرى المنافقين الذين يبغضون الإمام عليه السلام فيقيم الحجة عليهم باللسان ما وسعه البيان وسمح له بإظهاره الزمان. ومن ذلك ما نشره من فضائل أهل البيت عليهم السلام عن بيان معرفة أسباب النزول.
ولم نجد أحداً كان يملك جرأته فيقول : « ما نزل في القرآن : (الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) (٤) ، إلاّ وعليّ أميرها وشريفها ، وما من أصحاب محمد رجلاً إلاّ وقد عاتبه الله وما ذكر عليّاً إلاّ بخير » (٥) ، مع الضغط الحاكم الخانق الذي يمنع من ذكر عليّاً عليه السلام باسمه فضلاً عن نشر فضائله.
____________
(١) البقرة / ٢٨٢.
(٢) كنز العرفان للمقداد السيوري ١ / ١٤٠ السيد محمد القاضي.
(٣) نفس المصدر ١ / ٥١٩.
(٤) البقرة / ٢٥.
(٥) شواهد التنزيل للحسكاني ١ / ٢١ ، وفي الهامش عن معرفة الصحابة لأبي نعيم وغيره.