الذي زعم له نفسه
هذه الميزة .
وقد يكون هذا الرأي صحيحا بحدود ، إذ لم
يكن أساس البلاغة موسوعيا كبقية المعاجم المطولة ، ولكنه بعمله قد جاء بشيء جديد
من ناحيتين :
الأولى
: التأكيد على الاستعمال المجازي في
القرآن وعند العرب في معجمه هذا في أغلب المفردات وهو ما لم يفعله سواه.
الثانية
: أنه اتبع الطريقة المعجمية السمحة
بالنسبة لطلاب البحث العلمي ، فالتزم طريقة « الألفباء » كما صنع الراغب ( ت : ٥٠٢
هـ ) في المفردات من ذي قبل ، ورفض طريقة المخارج في دقتها ، والأبنية في تعقيدها
، والباب والفصل في كل حرف كما هو شأن غيره.
« وقد رتب الكتاب على أشهر ترتيب
متداولا ، وأسهله متناولا ، يهجم فيه الطالب على طلبته موضوعة على طرف الثمام وحبل
الذراع ، من غير أن يحتاج في التقتير عنها الى الإيجاف والإيضاح ، والى النظر فيما
لا يوصل الا بإعمال الفكر اليه ، وفيما دقق النظر فيه الخليل وسيبويه ».
بهذا يختتم الزمخشري مقدمة كتابه ، ومهمته
فيه التيسير ، وتهيئة المناخ العلمي للبحث دون عناء ، وهو إنجاز ضخم من الناحيتين
العلمية والفنية. وأما الكشاف ، فهو التفسير البياني الذي تلمس فيه مدى جمال
المجاز القرآني ، وطلاوة رونقه ، وعذوبة مخارجه ، ودقائق استعمالاته ، أو هو
الكتاب الذي تبصر به المجاز حيا نابضا متكلما بمعناه الاصطلاحي ومناخه الأدبي معا
، في ضوء ما أشار إليه ابن قتيبة ، وما ابتكره الشريف الرضي وما أسسه عبد القاهر
الجرجاني.
لقد فتح الزمخشري في الكشاف عمق دراسة
رقيقة مهذبة في المجاز العربي بعامة ، والقرآني بخاصة ، فزاد ما شاءت له الزيادة
من نكت بلاغية ، وصيغ جمالية ، ومعان إعجازية ، وسيرورة بيانية ، عاد فيها الكشاف
كنزا لا
__________________