ولا الآيات توجد العلم في قلب السامع لها ، ولا الأرض تخرج الكامن في بطنها من الأثقال ، ولكن إذا حدثت فيها الحركة بقدرة الله ظهر ما كنز فيها وأودع جوفها ...
والنكتة أن المجاز لم يكن مجازا لأنه إثبات الحكم لغير مستحقه بل لأنه أثبت لما لا يستحق ، تشبيها وردا له إلى ما يستحق ، وأنه ينظر من هذا الى ذاك ، وإثباته ما أثبت للفرع الذي ليس بمستحق يتضمن الإثبات للأصل الذي هو المستحق...(١).
٤ ـ وإذا جئنا إلى دور جار الله الزمخشري ( ت : ٣٥٨ هـ ) فسنرى له اليد الطولى في هذا المضمار ، وبحدود كبيرة مما أفاده من تجارب الشريف الرضي ( ت : ٤٠٦ هـ ) المجازية ، وما استقاه من ينبوع عبد القاهر ( ت : ٤٧١ هـ ) البلاغي.
وكان الزمخشري يهدف في جهوده المجازية إلى أمرين :
الأول : هو الهدف المركزي ، وهو كشف بلاغة القرآن وتأكيد إعجازه ، وإثبات تميزه في التعبير على كل نصّ أرضي وسماويّ.
الثاني : الهدف الهامشي في دعم الفكر المعتزلي القائل باتساع المجاز في القرآن وعند العرب بمنظور كلامي.
وأنا أذهب مذهبه في كلا الأمرين بأغلب وجهات نظره البيانية ، لا على اساس معتزلي ، فلا علاقة لي بهذا الملحظ ، بل من خلال الذائقة البلاغية والفنية في تقويم النصوص العربية العليا ليس غير.
للزمخشري في تطوير نظرية المجاز القائمة في القرآن والمأثور العربي كتابان مهمان هما :
١ ـ أساس البلاغة(٢).
٢ ـ الكشّاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه
__________________
(١) عبد القاهر ، أسرار البلاغة : ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
(٢) طبع طبعة منقحة فريدة بتحقيق : عبد الرحيم محمود ، وتقديم : العلامة أمين الخولي ، القاهرة ١٩٥٣.