وفي قوله تعالى ( ففتحنا
أبواب السمآء بمآء منهمر (١١)
وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر
(١٢) )
يقول الشريف الرضي ( المراد ـ والله أعلم ـ بتفتيح أبواب السماء تسهيل سبل الأمطار
حتى لا يحبسها حابس ، ولا يلفتها لافت. مفهوم ذلك إزالة العوائق عن مجاري العيون
من السماء ، حتى تصير بمنزلة حبيس فتح عنه باب ، أو معقول أطلق عنه عقال. وقوله ( فالتقى
الماء على أمر قد قدر )
أي : اختلط ماء الأمطار المنهمرة ، بماء العيون المتفجرة ، فالتقى ماءاهما على
ماقدره الله سبحانه ، من غير زيادة ولا نقصان. وهذا من أفصح الكلام ، وأوقع
العبارات عن هذه الحال ».
٥ ـ وأظهر مما تقدم في مجاز القرآن عند
الشريف الرضي نسبة الخشوع والتصدع الى الجبل في قوله تعالى : ( لو انزلنا
هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس
لعلهم يتفكرون (٢١)
)
قال الشريف الرضي : « وهذا القول على سبيل المجاز. والمعنى أن الجبل لو كان مما
يعي القرآن ويعرف البيان لخشع في سماعه ، ولتصدع من عظم شأنه ، وعلى غلظ أجرامه ، وخشونة
أكنافه. فالإنسان أحق بذلك منه ، إذ كان واعيا لقوارعه ، وعالما بصوادعه ».
وهذا الملحظ الدقيق في مجازية الآية عند
الشريف الرضي مصدره : أن لازم الخشوع والتصدع والخشية ، والإدراك والمعرفة والسماع
، والجبل لا يسمع ولا يعي ، فتأمل أيها الإنسان وتفكّر بما ضربه الله لك من
الأمثال.
٦ ـ قلنا فيما سبق أن أغلب ما أورده
الرضي في تلخيص البيان عبارة عما يقابل الحقيقة في الأستعمال ، والاستعارة عندهم
كالمجاز باعتبارها استعمالا مجازيا وخلاف الأصل اللغوي ، لهذا كان « تلخيص البيان
» حافلا
__________________