في هذه الحال من ربه فهو إرادته »(١).
وأنشد أبو زكريا الفراء(٢) :
إن دهرا يلف شملي بسلمى |
|
لزمان يــهــم بالإحســان |
فأنت ترى في هذه النماذج الإرادة والرغبة للرمح ، والهم بالإحسان للزمان ، كما شاهدت في الآية إرادة الجدار.
ولم تخرج هذه الألفاظ جميعها عن حقيقتها الأولى في اللغة ، ولكنها خرجت الى المجاز في الإسناد ، والقرينة فيها جميعا هي التي أفادت مجازا عقليا دلت عليه قرينة مقالية ، لأن الجدار في واقع الحال لا يريد ، والرمح لا يريد ولا يرغب ، والزمان لا يهم بالإحسان واقعا ، وإن هم به مجازا.
ج ـ وفي هذا السياق يجب أن نلاحظ ما لاحظه ابن قتيبة ( ت : ٢٧٦ هـ ) من ذي قبل ، من أن هذه الأفعال ونظائرها ـ ونعني بها أفعال المجاز كما في الأمثلة السابقة ـ أفعال لا تخرج منها المصادر ، ولا تؤكد بالتكرار ، فلا تقول : أراد الحائط أن يسقط إرادة شديدة ، فليس هذا من كلام العرب ، فإذا جاء التوكيد بالمصدر علمت أن ذلك مبني على الحقيقة ، والله تعالى يقول : ( وكلم الله موسى تكليما (١٦٤) ) (٣) فوكد بالمصدر معنى الكلام ، ونفى عنه المجاز. وقال تعالى : ( إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون (٤٠) ) (٤) فوكد القول بالتكرار ، ووكد المعنى بإنما ، فكان ذلك على سبيل الحقيقة لا المجاز(٥).
وهكذا الحال فيما سبق مما أنشدوا ، فلا يقال : « أراد الرمح صدر أبي براء إرادة قوية ، ولا همّ الزمان بالإحسان هما موكدا.
* * *
__________________
(١) أبو عبيدة ، مجاز القرآن : ١/٤١٠.
(٢) ظ : العسكري ، كتاب الصناعتين : ٢١٢ ، والبيت غير منسوب.
(٣) النساء : ١٦٤.
(٤) النحل : ٤٠.
(٥) ظ : ابن قتيبة ، تأويل مشكل القرآن : ١١١.