٢ ـ قرينة غير لفظية ، وتستفاد من الجملة باستحالة صدور ذلك الشيء من فاعله عقلا ، وإنما يكون من أمره ، وفي نطاق مقدوره ودائرته ، وقد ورد ذلك في القرآن العظيم بأكثر من موضع ، وتكرر وجوده في مختلف الجزئيات بأكبر من ملحظ :
أ ـ قوله تعالى : ( وجاء ربّك والملك صفا صفا (٢٢) ) (١).
فالمجيء هنا لأمر الله وقدرته وقوته وإرادته ، وليس لذاته القدسية ، لأنه لا يوصف بالذات المتنقلة : القادمة او الذاهبة او المتحركة. تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وإنما هذا على سبيل من قوله تعالى : ( فإذا جآء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون )(٢).
وقوله تعالى : ( يا إبراهيم أعرض عن هذا إنّه قد جاء أمر ربك ... ) (٣) وقوله تعالى : ( هل ينظرون إلاّ أن تأتيهم الملائكة أو يأتي أمر ربّك ) (٤).
وهنا نكتة بلاغية جليلة ، فالله سبحانه وتعالى كما لا يجوز عليه المجيء بالوجه الذي بيناه ، فإن أمره لا يمكن أن يأتي أو يجيء إلا على وجه مجازي محض ، فأمر الله تعالى يصدر ، ولا يأتي ، وينفذ ولا يجيء ، ويطبق ولا يناقش ، ولما جاء التعبير عنه بالقرآن بالإتيان تارة ، والمجيء تارة أخرى ، علمنا هنا من دلالة النص الفنية ، وبذائقة فطرية خالصة أن تأكيد صدوره وكونه قدرا مقضيا ، قد أكد بالإتيان والمجيء للتعبير عن حتمية وقوعه جزما ، وتجسيد نفاذه فورا حتى شخص وكأنه قادم آت متمثل قائم.
ب ـ وفي كل من قوله تعالى :
( الرحمن على العرش أستوى (٥) ) (٥).
__________________
(١) الفجر : ٢٢.
(٢) غافر : ٧٨.
(٣) هود : ٧٦.
(٤) النحل : ٣٣.
(٥) طه : ٥.