بيان : قال الجوهري غشي المرءة وتغشاها جامعها » فأمرتك أن تزيد » ظاهره أن السبعين في الاية الكريمة ليس كناية عن مطلق الكثرة بل خصوص العدد مخصوص فيدل بمفهومه على أنه ينفع الاستغفار لهم بأزيد من السبعين ، فاذا كان الدعاء للمنافقين مع عدم قابليتهم للرحمة نافعا بأزيد منه فينفع المؤمن بالطريق الاولى ويحتمل أن يكون المراد أنه لماذكر الله سبحانه السبعين في مقام المبالغة في عدم استحقاقهم للمغفرة ، فيدل على أن هذا العدد نصاب مايرجى به الاجابة ، وأنازدت عليه أيضا فيكون أحرى بكونه سببا للاجابة والاول أظهر لفظا والثاني معنى (١).
____________________
(١) وعندى أن المراد بالسبعين في قوله عز من قائل : « استغفر لهم أولا تستغفرلهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يعدى القوم الفاسقين » ( براءة : ٨٠ ) ، هو الاشارة إلى ما صنعه رسول الله صلىاللهعليهوآله في غزوة أحد في الصلاة على حمزة سيد الشهداء واعزمهم على رسول الله ، حيث كبر عليه خمس تكبيرات أولا ، ثم أتى بالقتلى واحدا واحدا يوضعون إلى حمزة ، فيصلى عليهم وعليه مع كل واحد منهم ، حتى صلى على حمزة سبعين صلاة ، ومعلوم من كرامته صلىاللهعليهوآله على الله عزوجل أنه لم يكن ليستغفر لاحد بهذه المثابة من الشفقة ، وهذه المرتبة من التحنن و الرأفة والوجد ، الا ويفغر الله له ما قد سلف ، ويبلغ به الدرجات العلى في اعلى عليين ، كما فعل بسيدنا حمزة أسد الله وأسد رسوله صلوات الله عليه.
ومفاد الاية الكريمة أن الاستغفار بالنسبة إلى المنافقين ـ سواء استغفر لهم الرسول او استغفروا هم لانفسهم ـ لكن يكن ليجديهم نفعا ابدا ، فان حقيقة الاستغفار هو الاعتذار إلى الله عزوجل وطلب المغفرة والرضوان مه ليتوب على العاصى ويعفو عن سوء صنيعه ، وهذا المعنى انما يلحق المؤمنين الذين علموا السوء بجهالة ثم ندموا عن قريب ، فاعتذروا إلى الله عزوجل ليتوب عليهم بالمغفرة. وأما المنافقون الذين كفروا بالله ورسوله باطنا ، وفسقوا عن أمره معاندة ومضادة ، انما يكون اعتذارهم واستغفارهم صوريا كالاستهزاء بالله ورسوله ، فالله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون.
فعلى هذا « استغفر لهم أولا تستغفر لهم « كلاهما سيان » كما صرح بذلك في