ترى الدهر موترا قوسه مفوقا نبله (١) لا تخطئ سهامه ، ولا تشفي جراحه ، يرمي الصحيح بالسقم ، والحي بالموت ، ومن عنائها أن المرء يجمع مالا يأكل ، ويبني مالا يسكن ، ثم يخرج إلى الله لا مالا حمل ولا بناء نقل ، ومن غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما ، والمرحوم مغبوطا ، ليس بينهم إلا نعيم زال وبؤس نزل ، ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيتخطفه أجله ، فلا أمل مدروك ، ولا مؤمل متروك فسبحان [ الله ] ما أعز سرورها وأظمأ ريها وأضحى فيئها ، فكأن ما كان من الدنيا لم يكن وكأن ما هو كائن قد كان. [ و ] أن الدار الاخرة هي دارالمقام ودار القرار وجنة ونار. صار أولياء الله إلى الاجر بالصبر وإلى الامل بالعمل.
١٢٨ ـ وقال عليهالسلام : من أحب السبل إلى الله جرعتان : جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة حزن تردها بصبر. ومن أحب السبل إلى الله قطرتان : قطرة دموع في جوف الليل ، وقطرة دم في سبيل الله ، ومن أحب السبل إلى الله خطوتان :
خطوة امرء مسلم يشد بها صفا في سبيل الله ، وخطوة في صلة الرحم [ وهي ] أفضل من خطوة يشد (٢) بها صفا في سبيل الله.
١٢٩ ـ وقال عليهالسلام : لا يكون الصديق لاخيه صديقا حتى يحفظه في نكبته وغيبته وبعد وفاته.
١٣٠ ـ وقال عليهالسلام : إن قلوب الجهال تستفزها الاطماع ، وترهنا المنى وتستعلقها الخدائع (٣).
____________________
(١) موترا قوسه : مشدوترها. «مفوقا نبله» أى موضع فوقته في الوتر ليرمى به.
والفوق : موضع الوتر من رأس السهم حيث يقع الوتر.
(٢) في بعض النسخ [ يشهد ] في الموضعين.
(٣) «تستفزها» أى
تستخفها وتخرجها من مقرها و «ترهنها المنى» في الكافى «ترتهنها»
وهى اراده مالا يتوقع حصوله ، أو المراد بها ما يعرف للانسان من أحاديث النفس ،
وتسويل
الشيطان. أى تأخذها وتجعلها مشغولة بها ولا تتركها الا بحصول ما تتمناه ، كما أن
الرهن
لا ينفك الابأداء المال وقوله : «تستعلقها» بالعين المهملة ثم القاف أى تصيدها
وتربطها