إلا رسمه ، حسبما روي عن أمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام (١) ، الذي لم يعش إلا إلى سنة أربعين من الهجرة.
ثم ازداد البلاء بعد ذلك ، وبرح الخفاء إلى حد الفضيحة ، فاضطر عمر بن عبد العزيز إلى القيام بعمل رمزي ضعيف وضئيل ، لم يكن له أي أثر يذكر على الصعيد العملي ، على مستوى الأجيال والأمة.
ثم بدأت الحركة الحقيقية باتجاه التدوين في أواسط القرن الثاني للهجرة ، حسبما تقدم توضيحه.
وخلاصة الأمر : أن الحال قد تردت خلال أقل من ثلاثين سنة من وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى ذلك الحد الذي أشار إليه سيد الوصيين «عليه السلام».
وطمست معظم معالم الدين ، ومحقت أحكام الشريعة ، كما أكدته نصوص كثيرة (٢).
وكان ذلك في حين أن الصحابة وعلماءهم كانوا لا يزالون على قيد الحياة ، وكان الناس ينقادون إلى الدين وأحكامه ، ويطيعون رموزه وأعلامه.
فكيف ترى أصبحت الحال بعد أن فتحت الفتوح ، ومصّرت
__________________
(١) راجع : نهج البلاغة الحكمة رقم ٣٦٩ والحكمة رقم ١٩٠.
(٢) راجع : المصنف للصنعاني ج ٢ ص ٦٣ ومسند أبي عوانة ج ٢ ص ١٠٥ والبحر الزخار ج ٢ ص ٢٥٤. وكشف الأستار عن مسند البزار ج ١ ص ٢٦٠ ومسند أحمد ج ٤ ص ٤٢٨ و ٤٣٢ و ٤٤١ و ٤٤٤ ومروج الذهب ج ٣ ص ٨٥ والغدير ج ٨ ص ١٦٦ ومكاتيب الرسول ج ١ ص ٦٢.